الملك محمد السادس يوجه خطابا إلى الأمة بمناسبة الذكرى ال49 للمسيرة الخضراء
بقلم: إدريس الكنبوري -يومية المساء-
يستحق بعض البرلمانيين في بلادنا الكثير من الشفقة، ففي الوقت الذي كان فيه الناخبون ينتظرون منهم قضاء حوائجهم هاهم يتحولون إلى أصحاب حاجات يبحثون عمن يقضيها لهم؛ وعندما رمى برلماني مدينة سطات الظرف الشهير أمام الملك يوم الجمعة الماضي، لدى افتتاح دورة أكتوبر التشريعية، رأى الجميع في ذلك المشهد إيذانا بهبوط مؤسسة البرلمان إلى القاع. في الواقع، اختلط لدى برلماني حزب الحصان رمز الحزب بحصان البريد، الذي كان العرب الأولون يستعملونه في نقل رسائلهم السريعة لكي تصل في الموعد إلى وجهتها.
ولا بد أن الناخبين الذين صوتوا على البرلماني باتوا يشعرون بمقدار الشفقة التي يستحقها الرجل، لأنه هو الآخر لديه مشكلة يبحث لها عن حل. لكن القضية تتجاوز الجانب الساخر منها، فإذا كان برلماني لا يجد حلولا لمشاكله، فماذا ينبغي أن يقول المواطنون العاديون؟ لكن إذا كان برلماني لا يستطيع أن يحل حتى مشاكله هو فلماذا أصلا يبحث عن مقعد في القبة البرلمانية، طالما أنه يفعل ذلك ـ مبدئيا ـ لكي يساهم في إيجاد الحلول للآخرين؟
افتتاح دورة أكتوبر البرلمانية شهد أشياء كثيرة تستدعي الضحك وتثير الشفقة أيضا، لأن منظر البرلمانيين وهم يتهافتون على أكوام الحلوى، في خرق واضح للأعراف البروتوكولية والوقار الذي يستحقه المكان، لا بد أن يدفع الكثيرين إلى التساؤل عن جدوى المؤسسة البرلمانية ككل. والمؤكد أن استطلاعا للرأي وسط الرأي العام سوف يقود إلى نتيجة دراماتيكية، وهي أن مؤسسة البرلمان هي أقل المؤسسات شعبية في البلاد، ربما لهذا السبب عمدت الحكومة إلى إصدار قانون يمنع إجراء استطلاعات الرأي، لأنه لا معنى مطلقا لمثل هذه الاستطلاعات في بلد كل شيء فيه ـ تقريبا ـ ليس على ما يرام، الأمر يشبه إجراء اختبار شفوي لتلميذ كسول، وفوق ذلك متلعثم.
من الأفضل أن يتم استغلال الفرصة لتنظيم مباراة أسرع برلماني يأكل الحلوى في المغرب. لدينا أكبر طبق للكسكس وأشياء أخرى، لكن مثل هذه المباراة سوف تجلب فائدة كبيرة للبلاد، من بينها الفائدة السياسية، لأن السياسة في المغرب مبنية أساسا على الأكل، كل واحد يبحث عما يأكله ويختار لذلك التوقيت المناسب والرمز المناسب، ومع ذلك لا زال البعض ينكر أن بعض فصائل البشر ينتمي إلى ذوات الأربع.
قبل سنوات طرح في الصحافة المغربية سؤال مهم: “لِمَ يصلح البرلمان؟”، لكن إلى حدود اليوم لم يجد له أحد جوابا. وبعد الدستور الجديد، كان متوقعا أن يتم إيجاد الإجابة وينتهي الخلاف، لكن ما حصل يوم الجمعة الماضي أظهر أنه من الصعب أن يقوم دستور جديد وحده بالتغيير بين مخلوقات سياسية غريبة ما زالت تنتمي إلى كوكب آخر، إذا أراد الدستور أن يغير فعليه أن يأتي معه بمخلوقات جديدة وجيدة وصالحة للاستعمال، فقد كان مضحكا ومبكيا في نفس الوقت أن يتكلم الملك عن ضرورة الإصلاح والتغيير وأن يدعو الأحزاب السياسية إلى تحمل مسؤولياتها السياسية وتقديم مشاريع مجتمعية واضحة، وبعد ذلك يقفز واحد من البرلمانيين الذين كان الكلام موجها إليهم لكي يرمي بظرف يتضمن واحدا من المشاريع الشخصية الواضحة، ثم أن يتهافت البرلمانيون بعده على أطباق الحلوى، وليس ذلك فقط، بل أن يبدأ البرلمانيون في الهروب مغادرين الجلسة التي كان ينتظر أن تناقش مشروعي قانونين، مثل أطفال المدارس الذين يفرحون عندما يأتي أحد المسؤولين لزيارة المدرسة فيجدونها مناسبة للفرار من القسم والعودة إلى البيت.