يوم الأربعاء الماضي تم إطلاق قذيفة روكيت على إحدى المستوطنات الإسرائيلية في لذكرى وفاة زعيم حركة الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي الذي قتل بمالطا سنة 1995، وهو المقتل الذي أشارت العديد من وسائل الإعلام، ومن بينها شبكة “بي بي سي”، أنه كان من تخطيط الموساد الإسرائيلي.
يوم السبت الماضي بعد الزوال، أتى الرد الإسرائيلي، بعد أن شنّ الجنود الإسرائيليون غارة على خلية لحركة الجهاد الإسلامي كانت تحضّر لعمليات أخرى، وهي العملية التي أسفرت عن مقتل خمسة فلسطينيين، يوجد ضمنهم أحمد الشقاقي، أحد الوجوه جد البارزة في هذا التنظيم.
لكن حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة ليس لها أي صالح في الدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، لأنها ستخسر الكثير، حيث أن القتال من شأنه أن يؤخر الشق الثاني من صفقة تبادل الأسرى، إذ من المنتظر أن تفرج السلطات الإسرائيلية عن 550 أسير إضافي، كما أن حماس تسعى إلى الحفاظ على الهدوء والاستقرار قصد تقوية علاقاتها مع مصر.
إن مصر ما بعد مبارك راحت تلعب دورا أكبر من السابق في قطاع غزة، فالقاهرة كانت طرفا مهما في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل الذي أبرم يوم السبت الماضي، والذي يقضي بوقف الجهاد الإسلامي قصف إسرائيل بقذائف الروكيت.
يوما قبل ذلك، ولأول مرة منذ أمسكت حماس بزمام السلطة سنة2007، زار ممثلون عن حركة “الإخوان المسلمين” قطاع غزة، وهو ما يعكس إشارة واضحة إلى تغير موقف القاهرة من الحركات الإسلامية بعد إسقاط نظام مبارك. وبما أن التوقعات تسير كذلك في اتجاه تحقيق الإخوان المسلمين للفوز في الانتخابات القادمة، سوف يقع الضغط أكثر على حركة حماس لتحافظ على الهدوء قصد تعزيز علاقاتها مع مصر، وتقوية سيطرتها على غزة.
وفي نفس الوقت، تعيش حركة حماس، التي يمكنها أن توقف هجومات الجهاد الإسلامي على إسرائيل إن هي أرادت ذلك، تحت ضغط كبير تفرضه إيران، زعيمة حركة الجهاد الإسلامي، والتي تطالب بمد حركة الجهاد الإسلامي بجميع أشكال العون الممكن. وهذا الأمر يحيلنا إلى وضع مشابه عاشته حماس خلال شهر غشت الماضي، حين قادت لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية العديد من الهجومات عبر الحدود قرب الحدود المصرية والتي أودت بحياة 8 إسرائيليين، حينها أحست حركة حماس أنها مجبرة على الالتحاق بالقتال، لكن بعد أن أحسّت أنّها تفقد شعبيتها بالشارع العربي.
إن العلاقات الدافئة بين مصر وحماس ستؤدي دون شك إلى فرض الهدوء والاستقرار بقطاع غزة لمدة ليست بالطويلة، لكن رغبة القاهرة في تقوية علاقاتها مع حركة “الإخوان المسلمين”، تشير إلى تغيير جد سلبي تعيشه مصر ما بعد مبارك.
هناك احتمال كبير أن تفوز حركة الإخوان المسلمين بالانتخابات المصرية، وهو ما سيؤدي إلى تقوية العلاقات بين مصر وقطاع غزة، في حين ستتدهور العلاقات بين القاهرة والقدس، وهو ما لن يخدم المنطقة، ولن يكون قيمة إضافية لمسلسل السلام بالشرق الأوسط.
ترجمة نبيل الصديقي- Jerusalem Post