الملك محمد السادس يهنئ دونالد ترامب بمناسبة انتخابه مجددا رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية
صدور قانون جديد للأحزاب في الجزائر، يتضمن مادة تمنع إمكانية عودة حزب جبهة الإنقاذ الإسلامية. يخلف ردود فعل واسعة ومخاوف على مصير المصالحة الوطنية. وقادة الجبهة يطالبون بإلغائه ويهددون باللجوء إلى محاكم دولية.
حسم نواب المجلس الشعبي الوطني ( الغرفة السفلى في البرلمان الجزائري ) في ملف عودة قيادات حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظور إلى النشاط السياسي، فقد صوتت الأغلبية الثنائية المكونة من حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي على قانون الأحزاب الجديد، الذي تضمنت المادة الرابعة منه منعا صريحا “لكل الأشخاص الذي تورطوا في العنف خلال العشرية السوداء”، وهو ما أثار ارتياحا للبعض وموجة انتقادات للبعض الآخر من الذين يعتبرون السلطة أيضا طرفا “مسكوتا عنه” في المأساة التي شهدتها الجزائر خلال عقد التسعينات، إثر إلغاء الانتخابات التي فاز فيها جبهة الإنقاذ الإسلامية، بإيعاز من المؤسسة العسكرية.
وقد قطعت المادة الرابعة من قانون الأحزاب الجديد المصادق عليه من طرف أغلبية نواب المجلس الشعبي الوطني، الطريق أمام عودة نشطاء وقيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة للعمل السياسي، سواء بتأسيس حزب جديد أو إعادة بعث الحزب المنحلّ أو بتولي مناصب قيادية في أحزاب سياسية أخرى، وأسدل بذلك الستار على القراءات المتعددة لميثاق المصالحة الوطنية والتجاذبات التي عرفتها الطبقة السياسية خلال السنوات الأخيرة بين مطالبين بضرورة إعادة إدماج نشطاء الحزب المحظور في العمل السياسي وبين الرافضين بشدة لذلك، لكن استطاع الطرف الأخير أن يفرض منطقه على التيارات المؤيدة ويمرر المادة الرابعة التي تنص على”منع تأسيس حزب سياسي أو المشاركة في تأسيسه أو في هيئاته المسيّرة على كل شخص مسؤول عن استغلال الدين الذي أفضى إلى المأساة الوطنية”، وجاء في إحدى فقرات المادة أيضا أنه “يمنع من هذا الحق كل من شارك في أعمال إرهابية أو في تنفيذ سياسة تدعو للعنف والتخريب ضد الأمة ومؤسسات الدولة”.
كل منافذ عودة الجبهة الإسلامية أغلقت
ودفاعا عن مشروع الحكومة الجديد لقانون الأحزاب في اللجنة القانونية بالمجلس الشعبي الوطني، قال دحو ولد قابلية وزير الداخلية والجماعات المحلية إن أحكامه “تسعى لضمان حرية إنشاء الأحزاب السياسية في إطار القانون والتعبير الحر عن آرائها ومشروعها وحرية نشاطاتها شريطة ألا تستغل هذه الحرية في إنشاء حزب قد تم حله”.
وسعيا من السلطات الجزائرية لعدم تكرار النموذج الفكري والإيديولوجي لـ “الحزب المحظور” مستقبلا، فقد ضمنت القانون الجديد في المادة العاشرة نصا صريحا يمنع استلهام برنامج أي حزب سياسي من “برنامج عمل حزب سياسي محل قضائيا”.
وفي مواقفها الأولية عقب التصويت على مشروع القانون عبرت قيادات الحزب المحظور عن سخطها على القانون الذي رهن حريتهم السياسية –حسب تعبيرهم-، واعتبروه “خرقا صارخا لحقوق الإنسان وانتهاكا للأعراف والمواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق السياسية والمدنية، وهددوا باللجوء إلى المحاكم الدولية المختصة لمقاضاة النظام الجزائري. وجاء في البيان الذي وقعه رئيس الجبهة عباسي مدني أن السلطة تسعى إلى “ترسيم إقصاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ وحرمان إطاراتها من ممارسة حقهم الطبيعي والمشروع في الممارسة السياسية، واغتصاب حقوقهم السياسية والمدنية”.
ومن جانبه، اعتبر القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني قاسة عيسى “أن قانون الأحزاب الجديد يشكل تقدما كبيرا في الممارسة السياسية للأحزاب بالجزائر، وتكريسا لدولة القانون”، أما فيما يتعلق بالمادة الرابعة منه فأضاف الناطق باسم حزب جبهة التحرير لدويتشه فيله” المادة جاءت في مسار تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي أيده أغلب الشعب الجزائري في الاستفتاء، وعلى أساس ذلك فلا مكان لأولئك الذين تسببوا في عشرية الدم والدمار التي لحقت بالجزائر على الخريطة السياسية”.
الإصلاحات والهاجس الأمني
يوفي تعليقه على قانون الأحزاب والذي أصبح يصطلح عليه من قبل الصحافة الجزائرية بقانون المنع، يقول الصحافي عبد الرزاق بوالقمح لدويتشه فيله” أن كل مشاريع الإصلاح التي قامت بها السلطة في الجزائر، سواء المشاريع السابقة أو الراهنة نجد أن ظل الأزمة الأمنية ماثلا فيها”، ويضيف بوالقمح “إن روح وفلسفة القانون الجديد للأحزاب تعاملت بها السلطة منذ اندلاع الأزمة الأمنية سنة 1992، فنجد ذلك في دستور 1996 والقانون العضوي للأحزاب سنة 1997، وكذلك وثيقة “الإفراج المشروط” عن القيادات السياسية للجبهة الإسلامية المسماة “الممنوعات العشر” سنة 2003، وتكرست هذه الفلسفة أكثر في ميثاق المصالحة الوطنية، لذلك أرى أن المادة الرابعة والعاشرة من مشروع القانون تدخل في إطار الإجراءات الاحترازية التي تنتهجها السلطة، والإبقاء على خيوط اللعبة السياسية تحت سيطرتها خوفا من تكرار الأزمة التي مرت بها البلاد “.
أما الصحافي والمحلل السياسي بجريدة صوت الأحرار رياض هويلي، فيرى أن المادة الرابعة التي تمنع قيادات الفيس ونشطائه من العودة للعبة السياسية، ما هي إلا تكريسا للمادة 26 من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وما جاء في مشروع قانون الأحزاب أملته فقط “حاجة السلطة إلى آلية قانونية تشريعية، لتقنين المبدأ، وصد أي محاولة لعودة رموز الإسلام السياسي الراديكالي للمجال السياسي”.
“القانون غير دستوري”
واعتبر الحقوقي مصطفى بوشاشي أن نص المادة الرابعة من قانون الأحزاب غير دستوري، لأنها تحرم مواطنين جزائريين من حقوقهم السياسية بنص قانوني وليس بحكم قضائي، وهو خرق فاضح للحقوق الأساسية التي ينص عليها أي دستور في العالم، وناشد بوشاشي في اتصال مع دويتشه فيله، الجهات المخولة برفع التماس للمجلس الدستوري لتعطيل مشروع القانون.
ومن جهته، أكد بوجمعة غشير رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن القانون تحدث عن جانب واحد فقط من المتسببين في “المأساة الوطنية وأغفل دور الطرف الآخر الذي هو السلطة والنظام الذي لم تتحدث عنه المادة إطلاقا، فالمسؤولية في المأساة الوطنية مشتركة –يقول غشير- وحدثت تجاوزات وأخطاء وكوارث من الطرفين، لذلك فإنه من غير المنطقي إقصاء طرف وإغفال الطرف الآخر”.
و يفسر هويلي ذلك بالغموض الذي لازال يلف ميثاق المصالحة،” لأننا نحدد لحد الآن من هم أطراف الأزمة التي جرت المصالحة بينهم؟، وهو ما يعيد الجدل حول المصالحة وآلياتها ومضامينها للمشهد السياسي مستقبلا. ويعتقد بوالقمح أن المخاوف التي تسوقها السلطة لبقايا “الفيس”، مبالغ فيها، لأن هذا التيار تلاشى اجتماعيا وسياسيا مع الوقت بسبب عدة عوامل منها عزلة قيادته عن الشارع، وعدم صلاحية الخطاب الراديكالي المنغلق -المتخوف منه- لاستقطاب الشباب الجديد المتفتح على كل ثقافات العالم.
عن موقع دويتشه فيله