فيديو: التسجيل الكامل للخطاب الملكي بمناسبة الذكرى ال49 للمسيرة الخضراء
بقلم: خالد أشيبان
أخيراً وبعد خمسة أشهر مرت على تنصيب الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، صادق البرلمان بغرفتيه على قانون المالية لسنة 2012 بعد انقضاء نصف السنة. وما زالت الحكومة متشبثة بفرضياتها ونسبة نموها (4,2%) ومعدل تضخمها مع أن جميع المحللين يشهدون باستحالة تحقيق هذه النسب، و الكل يتنبأ بسنة مالية بيضاء ستكون لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد الوطني وارتفاع معدل البطالة بتوافد الخريجين الجدد ابتداءً من شهر يوليوز القادم.
الكل يجمع على صعوبة المرحلة وضرورة الاستعجال بإجراءات يمكنها الحد من الأزمة وتحسين عيش المغاربة. لكن الحكومة الحالية تنظر إلى الوضع بتفاؤل غير مفهوم، ويمر الشهر تلو الآخر دون اتخاذ أي إجراء فعلي وفعال ودون أن يتغير في المغرب أي شيء.
الشيء الوحيد الذي تغير هو موقع حزب العدالة والتنمية، فالحزب انتقل من ممارسة المعارضة داخل البرلمان إلى ممارسة المعارضة داخل الحكومة. وزراء العدالة والتنمية ونوابه ما زالوا يطلقون التصريحات والشعارات ويطالبون بالعصيان المدني ويهددون بالنزول إلى الشارع، وما زال رئيس الحكومة يندد بجيوب المقاومة ويصفهم بالأفاعي والتماسيح ويهدد بعودة الربيع العربي.
وحتى داخل الحكومة نفسها يغيب الانسجام وتوحد المواقف وبرزت الخلافات عند أول امتحان. فالسيد رئيس الحكومة شكل لجنة لمراجعة دفاتر التحملات واستبعد منها وزير الاتصال المكلف بالقطاع و وضع على رأسها وزير الإسكان. و رغم أن التشكيلة ألحكومية تضم وزارة للتشغيل، فالسيد بنكيران شكل لجنة للتوظيف ووضع على رأسها صديقه السيد باها الذي طرده المعطلون من شارع محمد الخامس بالرباط يم فاتح ماي.
السيد بنكيران عرف كيف ينتقم لصديقه ورفيق دربه، وتراجع عن التزام الحكومة السابقة بالإدماج المباشر. هذا التراجع يعتبر من انجازات الحكومة الحالية والأحزاب التي تقودها التي استغلت قضية المعطلين أيام الحملة الانتخابية، واليوم وبعد الوصول إلى الكراسي تنكروا لهم و نسوا أو تناسوا قوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود” لأنهم ببساطة لا يستعملون من الدين إلا ما يتناسب و مصالحهم.
لكن التناقض الغير مفهوم في هذه القضية هو أن الحزب الذي وقع وزيره الأول المحضر مع المعطلين هو حزب الاستقلال الذي يشارك في الحكومة الحالية، والذي لم يحرك ساكناً لأنه ببساطة وقع المحضر تمهيداً للانتخابات التشريعية الأخيرة و اليوم لم يعد في حاجة للدفاع عن المعطلين بعد حصول الحزب على مراده.
أما (الشيخ) المغراوي فبشر الحكومة و حزب العدالة والتنمية بالبقاء في الحكم إلى الأبد إذا طبقت شرع الله (أظن أن الشيخ يقصد بشرع الله تزويج البنات في سن التاسعة حسب فتواه)، و الغريب في الأمر هو أن حزب العدالة والتنمية لم يحرك ساكناً وكأنهم استحسنوا هذا التصريح الذي يضرب عرض الحائط المبادئ الدستورية وقيم الديمقراطية.
كل هذه التناقضات يستحيل فهمها أو تأويلها لأنها وبكل بساطة تدخل في خانة العبث الحكومي والاستهتار بثقة الناخبين و استغبائهم. فالوقت يمر والوعود تتبخر و الأحلام تصبح سراباً ليكتشف المغاربة بأنفسهم الوجه الحقيقي لحكومتهم.