يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
بقلم: نور الدين اليزيد (صحافي مغربي)
ظاهرة جديدة وخطيرة تلك التي باتت تملأ الموقع الاجتماعي العالمي أو القارة السادسة، كما بات يطلق عليها الإعلام الدولي، “فيسبوك”؛ وهي الظاهرة التي تكاد تكون حِكرا على شباب مغاربة هم مراهقون في الغالب، ويستعملون هذا الموقع الشعبي، أو بالأحرى صفحات بعينها من أجل الهجوم على حسابات عدد من المغاربة بنفس الموقع، لا بل وتعطيل تلك الحسابات بالمرة، بحيث يفقد صاحب الحساب حسابه، وبالتالي يتعذر عليه البقاء على اتصال بكل الذين تم تجميعهم على قائمته من أسماء شخصية ومجموعات وصفحات وتطبيقات وغير ذلك.
حرية..ضد الحرية
الظاهرة التي أثارت فضولنا فتتبعنا خيوطها، تبدأ من إنشاء صفحة على “الفيسبوك”، يكون من ورائها في الغالب شخص وهمي لا يريد الكشف عن هويته الحقيقية، مخافة معاقبته من طرف مسؤولي الموقع الاجتماعي العالمي. هذه الصفحة تحمل عنوانا مثيرا يجعل القارئ ولاسيما الشباب المراهق يبحث عن مصدر الصفحة قبل أن يقوده فضوله إلى مجموعة من الأشخاص الذين يتبادلون فيما بينهم لغة تنتمي إلى قاموس الشارع الذي يفتقد إلى الكياسة؛ فيتم الحديث عن كل ما يخطر ببال، ويتداول المنخرطون في الصفحة مواضيع مختلفة تجمع السياسي بالاجتماعي والاقتصادي، بطريقة سطحية تبرز إلى حد كبير مستوى عدم النضج لدى هؤلاء اليافعين. وبحب الفضول وإبراز “العضلات” في هذا المجتمع الافتراضي تقود أطرافُ الحديث هؤلاء الشباب إلى ما يشبه التآمر ضد أشخاص لمجرد أنهم عبروا عن رأي قد لا نتفق معهم فيه، ليكون تعطيل حسابهم هو رد هؤلاء الشباب اليافعين، وهو ما يخالف مبدأ الحرية التي يُساء استعمالها بهذه الطريقة.
مصطلحات بذيئة..
تبدو من خلال إطلالة سريعة على بعض هذه الصفحات أنها تحمل في معظمها كلاما نابيا، يطلقه مراهقون على عواهنه بدون حسيب أو رقيب، ظنا منهم أن هذا العالم الافتراضي لا تحكمه قيود أو ضوابط علما أن الموقع الاجتماعي (فيسبوك) وبالرغم مما يُنتقد من أجله بسبب غياب مفهوم واضح للحرية في قوانين استعماله، إلا أنه ينصح مرتاديه بإعلام الإدارة المسؤولة عن أي إخلال بمبادئ الاستعمال قد يصدر من هذه الجهة أو تلك، أو من قبل مستعمل للأنترنيت بأي مكان كان وتحت أي مسمى. ولعل استعمال اللغة العربية، وبالأحرى، استعمال لغة دارجة ركيكة يصبح من المتعذر معه على مراقبي وتقنيي الموقع الاجتماعي الشهير تتبع كل خطوات مستعملي الأنترنيت هؤلاء المشاغبين. وباستعمال هذا النوع من الكلام يتم حشد أعداد كافية من المؤيدين، خاصة عندما يتم التركيز على شخص عمومي، كأن يكون فنانا أو رجل إعلام وغير ذلك، فيتم الاتفاق عبر “الشات” أو الدردشات التي توفرها لهم إمكانيات الموقع نفسه وبداخل نفس الصفحة أيضا، على تعطيل حساب الشخص “المتداول” بشأنه.
ضحايا بالجملة..
بينما يسعى هؤلاء الشباب المراهق في مسعاهم غير النبيل والفضولي، إلى ما يرفضه مسؤولو الموقع الاجتماعي أنفسهم، عندما يساعدونهم –عن غير قصد- على توقيف هذا الحساب أو ذاك تفاعلا مع دعوات هذه الصفحات غير المسؤولة للموقع بتوقيف الحساب، فإن المسألة تصبح أكثر خطورة عندما يتعلق الأمر بتعطيل حساب لأناس أبرياء يعولون كثيرا على حساباتهم بهذا الموقع الاجتماعي، الذي لا يخفى على أحد ما بات يشكله من علبة مهمة في حياة الأشخاص والمؤسسات، على حد سواء، لما يوفره من شبكة علاقات ومصادر للمعلومات.
وفي إحدى هذه الصفحات، التي يتعذر علينا ذكرها بالاسم مخافة انتقام أصحابها من كاتب هذه الورقة، وجدنا العديد من الشخصيات المعروفة التي تم توقيف أو تعطيل (بلوك) حساباتها في الموقع الشهير؛ ومن هؤلاء الصحافي المختار الغزيوي، رئيس تحرير جريدة الأحداث المغربية، والممثلة المغربية لطيفة الأحرار، وغيرهم من الأشخاص الضحايا، والذين بحسب “التبليغات” المفبركة ضدهم فإنهم يصبحون لدى تقنيي وإدارة الفيسبوك، مجرد أشخاص وهميين، أو مزعجين لباقي مستعملي “الفيس”.
تآمر..
يبدأ التخطيط من أجل تعطيل حساب شخص معين، بتسليط الضوء على هذا الشخص أو ذاك، وذكره باسمه وصفته الحقيقيتين، والإحالة على صفحته الشخصية بـ”الفيس”. ثم يبدأ مرتادو الصفحة بالتنكيت والتهكم على موقف عُرف به الشخص، أو عن طريق إثارة مشاعر منخرطي هذه الصفحة بموقف قد لا يكون منسوبا بالضرورة للشخص، فيتم التهجم عليه أولا بشتى الألفاظ القدحية، وعندما يرى صاحب الصفحة، الذي يكون في الغالب هو من اقترح الاسم المراد التآمر عليه، قد جمع ما يكفي من تأييد لفكرته الجهنمية، يدعو باقي مرتادي الصفحة إلى أن يخطوا خطوته وهي (سينيال)؛ أي العلامة الموجودة في مفتاح الاستعمال الذي يمكنك من عدة اختيارات بما فيها تعطيل الحساب. وبما أن قوانين وتعليمات “الفيسبوك” تشير إلى أن 15 تبليغا ضد أي مستعمل كفيلة بتوقيف حسابه، فإنه يكون من السهل جدا على مرتادي هذه الصفحات الجهنمية توفير ذلك العدد، والتي يبلغ أعضاء بعضها أزيد من 90 ألف عضو، فيُعطل للتو الحساب المستهدف، ويتم نشر الصفحة المستهدفة تحمل إشارة الموقع على أنها أصبحت لاغية بنفس هذه الصفحة “المشاغبة”؛ وهكذا فإن معلومات مهمة تضيع من صاحبها الذي يفقد حسابه لمجرد ضحك مراهقين، وهو ما يدعو، بحسب العديد من الخبراء، إلى ضرورة إعادة النظر في تعليمات “الفيسبوك”، كأن يتم الاتصال مثلا مباشرة بالعنوان الشخصي لصاحب الحساب المشتكى ضده زورا، واستبيان معلومات هويته والتحقق منها، وكذا استبيان هويات المتقدمين ضده بشكاوى كيدية، قبل الإقدام على خطوة إلغاء العضوية، دون أن يتم النيل بطبيعة الحال من سرية المعلومات الشخصية التي على خبراء الموقع استغلالها لفائدة الموقع وبما يخدم رواده ولا يضرهم.