بقلم: طارق عمر [email protected]
ليست المسافة بعيده من مدينة “طريفه” في اسبانيا إلى مدينة طنجة في المغرب، تستغرق الرحلة البحريه حوالي نصف ساعة للوصول، طنجة هي البوابة الشمالية للمغرب، شواطئها الزرقاء وغاباتها الخضراء، وليلها الذي لا يشبه ليل أي مدينة مغربية أخرى، إضافة إلى موقعها الساحر، كل ذلك جعل سكان المغرب يطلقون عليها لقب “عروس الشمال” .
كانت هذه زيارتي الأولى للمغرب ….قدمت إليها وفي مخيلتي انطباعات شتى يختلط فيها السّحر بأجـواء ألعـاب الحــواة في مراكش وبالشواطئ الرملية الطويلة الممتدة على ساحل الأطلسي والبحر المتوسط .
امتلك مخزونا معلوماتيا ذهنيا كبيرا عن المغرب من خلال الكثير من قراءتي عكست في مخيلتي بعض الانطباعات، لكن ما إن وطأت قدماي تلك الأرض حتى بدأت كل الانطباعات تتلاشى رويدا رويدا ليحل مكانها إحساس بالانتماء، مزيج من المشاعر يولدها عبق الزمان وروعة المكان، في المغرب يسحرك ذاك التصالح بين الناس وبيئتهم ،انه ببساطة بلد تعايش الثقافات، عناق الجغرافيا الذي يجعل منه حالة متميزة في العالم .
الكثيرون لا يعرفون شيئا عن النموذج المغربي المتفرد في توازنه بين الصحراء والبحر والجبل، في خليط ايروباتيكي رائع تتناغم فيه الأصوات والألوان والروائح، فللجغرافيا هنا معانيها ومراميها … هكذا هو المغرب الذي يقف على شاطئ المحيط الأطلسي العارم وتخوم جبال الأطلس الخضراء الوعرة وساحل المتوسط من جهة أخرى .
غادرت هذا الموطن الذي وجدته أنا الغريب فيه في هذا الجزء من العالم، كان علي أن أودع أناسا ظلوا طوال المدة القصيرة التي قضيتها بينهم حريصين كل الحرص على توفير أسباب الراحة والفرح لي …غادرت المغرب متوجها حيث أقيم وتركت قلبي ورائي على أمل العودة إليها عن قريب، هكذا هو المغرب تجعلك تتمتع ببهجة الحواس، بلاد لا تستطيع مغادرتها دون ان تصاب بحمى عشقها، بلاد تأتيها زائرا أو سائحا فتسكنك ولا تفارق خيالك.