بيان عاجل، “فكثيرا ما ينسب لنا دون علم منا ودون سابقة إخبار، فقد علمتُ أن بعض المواقع نشرت كلاما نسبت لي فيه ما لست أذكره”، لكن الشيخ يتذكر أن أحد الصحفيين سأله عن الفتوى فقال له نحن ننتظر أن يصدر المجلس الأعلى فتوى في الموضوع وننتظر ما سيفتي به المجلس العلمي الأعلى بهذا الخصوص، ويعتبر الشيخ أن ما نشر في بعض المواقع الإعلامية هو مجرد شوشرة وفتنة ومزايدات وضغط على الكلام وتحميله ما لا يحتمل، وبه وجب الإعلام والسلام.
إنها مقتطفات من الصفحة الرسمية للشيخ عمر الحدوشي التي نشرها تحت عنوان “بيان عاجل”، ونسي أنه قبل خمسة أيام نشر بيانا عاجلا آخر أخذته عنه المواقع الجهادية وفي مقدمتها موقع شبكة أنصار المجاهدين التابعة للقاعدة تمترس فيه وراء مجموعة من الذين توفاهم الله من بعض علماء المسلمين وبما تيسر من الآيات بعد أن استهله بمقدمة قتالية تقول: الحمد لله قاهر الجبابرة ومذل الفراعنة في كل زمان ومكان وقاسم ظهر الطواغيت الأكاسرة وصلى الله على محمد الضحاك القتال الذي بعت بالسيف بين يدي الساعة وعلى آله وصحابته أجمعين.
وواصل والقول له، “فقد انتظر كثير من الأخوة أن أقول كلمتي فيما اتفق وتآلفت عليه قوى الشر من صهيو صليبي على ضرب المسلمين في مالي ودخل معهم وفي حلفهم كثير من العرب لترضى عنهم أمريكا الصليبية اللعينة والصهيونية المغتصبة والمستعمرة”، وعوض أن يقول رأيه بدأ في سرد الآيات وفتاوي دول أخرى، وهي نفس الفتاوي التي كان يعتمدها ويعتمدها الآن من أجل دفع الشباب والمراهقين إلى التطوع للجهاد في أكثر من بؤرة من بؤر التوتر حول العالم، بما يفيد أنها ملزمة له ولغيره من الأتباع، وعلى هذا الأساس تداولتها المواقع الجهادية على لسان الشيخ.
وحتى قبل أن يزيل من صفحته في الفايسبوك ما قاله يوم 16 يناير الجاري، تطوع لكتابة بيان حقيقة يقول فيه الشيخ الوديع اللطيف أنه ينتظر الفتوى من أهل الفتوى ومادام الرجل غير مؤهل للفتوى فلماذا يكتب يوم 16 من الشهر أن الإخوة ينتظرون كلمته، إذا لم يكن يعتبر نفسه صاحب مشيخة ويتكلم عن نفسه بصيغة الجماعة كلاما ينسب لنا ( أي لصاحب المشيخة المبجل) دون علم منا ودون سابق إخبار.
الشيخ دفع بأنه لم يعد يتذكر ما قاله ونسي أن ما قاله كتبه بنفسه وعلقه على حائطه الفايسبوكي ونقلته عنه المواقع الجهادية.
وللجميع أن يتساءل عن حقيقة انتماء الشيخ لهذا البلد ولمستقبل حاملي جنسية المغرب مما ولد، ولحقيقة الدور الذي يلعبه في التغرير بالمراهقين لدفعهم إلى نثر أشلائهم في بلاد المعمور.
وتذكيرا للذي يزين لهم الجهاد في مالي، فمالي بلد مسلم لا تحكمه فرنسا أو غير فرنسا يعيش منذ مدة مرحلة عدم استقرار وضعفا للدولة المركزية، تحكمت في جزء من ترابه الوطني حركات انفصالية واستقرت إلى جانبها القاعدة، وعندما نقول القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي فلا نتحدث عن حركة مالية إسلامية، بل عن تنظيم جهادي مكون من جنسيات مختلفة من دول المنطقة وخارج المنطقة وليس صراعا بين إسلاميي مالي والحكومة المالية التي تمثل السلطة الشرعية المنتخبة من طرف الشعب المالي.
ما حدث في حقل الغاز في عين “أميناس” بالجزائر يشكل الدليل القوي على أن الصراع في مالي وغير مالي بالمنطقة ليس صراعا داخليا بين أطراف داخلية، بل هو صراع بين تصور ذي مرجعية ديمقراطية وتصور شمولي ذي مرجعية غير متسامحة باسم الإسلام. لقد كان المهاجمون في عين أميناس من جنسيات مختلفة منها الجزائري والصحراوي والمصري والليبي والموريتاني و لم نسمع عن مالي واحد كما هو الشأن في شمال مالي، حيث يتناوب على قيادة التنظيمات الجهادية الجزائريون والموريتانيون.
هذا المعطى يسائل الجميع حول موقع الشيخ؟ لو هاجمت القاعدة من جديد المغرب، فهل يساند الشيخ المغرب أم ينتصر للقاعدة؟ الجواب عند الشيخ الذي شجع أنصاره في شمال المغرب من أجل الالتحاق بجماعة النصرة بسوريا المكونة من جهاديين كانوا بالعراق، قبل أن يقرروا الدخول إلى سوريا وإقامة معسكرات في الداخل السوري والمناطق الحدودية لتدريب الجهاديين، وعندما نثروا أشلاءهم في عمليات انتحارية تفضل مشكورا بتقديم التعازي لذويهم وأهلهم، كما حدث عندما زار عائلة المراهقين الانتحاريين في سبتة، والذين كانوا يوردون له “الريدبول” التي ينتشي بشربها بالرغم من أن الغرب الكافر هو الذي يصنعها.
الشيخ الذي يدعي أنه لا ينطق إلا شرعا أخذ من فتاوى البشر ما كان صالحا في مواجهة الاستعمار في مصر وغير مصر، وأسقطه على منطقة الساحل، علما أنه لا يجوز القياس مع وجود الفارق من كون مالي محكومة بسلطة شرعية مسلمة انتخبها الشعب المالي وحاكمها يدين بما تدين به غالبية الشعب المالي، لكن الشيخ الذي ينتصر إلى جماعة “بوكو حرام”، التي كانت وفية لتسميتها وحرمت التعليم في نيجيريا، لأن الشيخ كان يظن أنه سوف يخضب صفحته في الفايسبوك ببعض الفتاوى، ويعود إلى فراشه ليكمل خموله، ونسي أن أصحاب الحسنات موجودين، وأن بعض حكام المواقع الإلكترونية الذين يهيمون حبا في استقرار المغرب لا يتصيدون إلا كائنات من شاكلة الشيخ أنطق حقا أو باطلا حتى يأكلوا الثوم بفمه ويلبسوا جلباب المتأسلم ويفتحوا بوابتهم للإسلام غير المتسامح لغرض في نفس يعقوب، مادام أنه يفيد المبتغى للانتقام من السلطة التي لم تهب لنجدتهم من أزمتهم المالية، فلينتقموا منها فلا فرق بين مالي البلد ومال البلد، ففي الأخير فهي أزمة مالية من النقد، ومالية نسبة إلى مالي البلد.
سبحان الذي وحد بين أصحاب الأزمتين وجمع على نفس الهوى شيخين، شيخ من الإسلام الجهادي وشيخ من ثقافة تقرقيب السطالي.
و لو كان الشيخ وغيره ملمين بالشرع لعرفوا أن الخوارج هم كلاب أهل النار، وأن من يخرج عن طاعة الإمام ابتغاء الفتنة يدق عنقه شرعا، فكيف لو أفتى أهل الإفتاء من الكتاب والسنة بدق عنق الخوارج وفي مقدمتهم الشيخ؟ أكيد أن الشيخ لن يستدل بالكتاب والسنة بل سيحتمي بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 المتعلقة بحرية التعبير حتى ينعم بحرية الدعوة إلى القتل والاقتتال بين المسلمين كما يفعل بعض الجهاديين الذين لا يتذكرون الإعلان العالمي إلا بعد قيامهم بأعمالهم الإرهابية، ويتذكرون مبادئ من قبيل المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع وحقوق المتهم والممارسات الحاطة بالكرامة في السجون حتى لو كانت أياديهم ما تزال ملطخة بدماء الأبرياء من المسلمين.
أكورا بريس