ذكرى ميلاد الأميرة للاحسناء: مناسبة لإبراز انخراط سموها الموصول في قضايا المحافظة على البيئة
وتتنوع أساليب الفنانين التشكيلين المشاركين في تجسيد تيمة الفرس بين لوحات نحت نحو التجريد، وأخرى جنحت تجاه الواقعية، لتغوص في الوجدان الشعبي، مستخرجة رسومات أذكت عليها موهبة الفنانين وتمثلاتهم الشخصية للفرس جمالية مؤكدة.
“للفرس دلالات قوية في المجتمع المغربي، وأنا كفنان جزء من هذا المجتمع، ولابد أن أتأثر كما يتأثر بجمالية الفرس وقوته وروعة حركاته”، يقول الفنان التشكيلي لحسن بوخليفي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، مضيفا أن “الفرس في الأطلس المتوسط، هو رمز تميز القبيلة وفخرها وشجاعتها”.
يستأثر الفرس بالحيز الأكبر من الفضاء
في لواحات البوخليفي، يستأثر الفرس بالحيز الأكبر من الفضاء، ولا يشاركه في سلطانه إلا خلفيات داكنة تارة، وخلفيات ازدانت بعناصر الطبيعة من سحاب وقمر وشمس ونهر، تارة أخرى. وعن هذا الاختيار الفني يشرح البوخليفي “بعدما اشتغلت بمجموعة من التقنيات، توجهت في الآونة الأخيرة لتوظيف تقنية الخلفية السوداء، التي تتيح إمكانية إبراز الحجم عن طرق اللون وتظهر الفرس وكأنه يتحرك”.
وغير بعيد عن جناح لوحات البوخليفي، يجتذب الزائر للرواق الحضور اللافت للإنسان في لوحات الفنانة التشكيلية فاطمة دويراني. لوحاتها الواقعية والسريالية ونصف التجريدية تحتفي بالفارس وأكسسواراته من خنجر وقفطان، ولكنها مهووسة أكثر بالاستعراض الجماعي والفارس المنخرط في سربة التبوريدة.
وتحكي الفنانة دويراني، في تصريح مماثل، أن ارتباطها بالفرس بدأ منذ الطفولة عندما كانت تصحب جدها إلى الموسم لرؤية عروض التبوريدة، مشبهة تلك العروض ورائحة البارود التي تنبعث جراء لعلعات بنادق السربات بحصة طبيعية في العلاج النفسي. وذكرت أن للفرس حضورا مهما في الأعمال الفنية التي اشتغلت عليها طوال مسيرتها الإبداعية، مشيرة إلى أنه لولا تحديد المنظمين عدد الأعمال في عشر لوحات للعارض، لكانت قد استقدمت لوحات موضوعها فقط أكسسوارات الفارس من سلهام وحقيبة وبلغة وغيرها.
خلق فضاءات توفر فرصا مثلى لتحقيق التواصل والاندماج الاجتماعيين
وإلى جانب دويراني والبوخليفي، يتقاسم التألق في الرواق الفني للمهرجان ثلاثة فنانين تشكيليين آخرين، هم نجيب مارسيل، ومصطفى قيطو، وبوشعيب مادي، ومصوران فوتوغرافيان، هما مصطفى المسكيني وحميد فوزي. وأكدت السيدة ماجدولين العلمي، عن اللجنة المنظمة للمهرجان، في تصريح مماثل، أن استحداث هذه الفقرة ضمن مواد الدورة الثانية للمهرجان ينبع من رغبة إدارة المهرجان في إعطاء بعد فني أكبر للمهرجان، من خلال تجميع مختلف الفنون في فضاء واحد، من تبوريدة وغناء ورسم تشكيلي وتصوير فوتوغرافي.
وأعربت عن ارتياحها لحجم الإقبال على الرواق، مبرزة بأن عدد زوار الرواق تعدى في اليومين الأولين 20 ألف زائر من مختلف مناطق المغرب، وكذا عدد مهم من المغاربة المقيمين بالخارج، الذين يقضون عطلتهم الصيفية بمدينة بوزنيقة. وتتواصل فعاليات المهرجان باستعراضات يومية لأزيد من ثلاثين سربة تمثل مختلف جهات المملكة، وسهرات موسيقية يحييها فنانون مغاربة من مجموعات محلية وشعبية وتقليدية وعصرية. كما يقام على هامش المهرجان، فضاء للمعارض يضم معرضا للمنتوجات التقليدية المحلية ومنتوجات جهة الشاوية ورديغة (ضيف شرف الدورة)، وفضاء مخصص للجمعيات، وآخر للمساندين والشركاء، فضلا عن قرية للأطفال، ووحدة للتبرع بالدم.
ويروم هذا المهرجان، الذي تنظمه الجمعية المحلية لتنمية الفرس والفروسية بشراكة مع بلدية بوزنيقة وعمالة إقليم بنسليمان والشركة الملكية لتشجيع الفرس، خلق فضاءات توفر فرصا مثلى لتحقيق التواصل والاندماج الاجتماعيين من خلال خلق أجواء احتفالية راقية، تعكس ما تختزله الأبعاد الرمزية والثقافية المتجذرة للفرس في الهوية الثقافية الوطنية من جهة، ولفن التبوريدة كتراث تاريخي أصيل، من جهة أخرى، في إطار خلاق لخدمة التنمية الاجتماعية والإنسانية.
كما تسعى هذه التظاهرة الثقافية إلى تحفيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمنطقة، وإغناء الأجندة الثقافية لمدينة بوزنيقة، وإبراز المبادرات المواطنة التي يقوم بها النسيج الجمعوي المغربي في هذا المجال.