انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية
(هناء ضاكة)/و م ع/
الرباط – لزاما لا خيارا، غيّر الحجر الصحي المنزلي بسبب تفشي فيروس “كورونا”، أسلوب حياة الناس، وأصبحت الوسيلة المثلى لتفادي الإصابة به هي “بقى فدارك”، أي لزوم المنزل قدر المستطاع وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى.
وإذا كان البقاء في المنزل إلى حين زوال الخطر الذي يشكله هذا الفيروس الفتاك ضرورة يفرضها الواقع، فإن هذا الظرف الاستثنائي يجب أن يشكل مناسبة لاستثمار وقت الأسرة وتجويد نمط معيشها اليومي، فذلك مبتغى وجب على الجميع التفكير فيه مليا.
في المغرب، اتخذت السلطات المختصة العديد من التدابير لمكافحة انتشار الفيروس، وأهمها كان فرض حالة الطوارئ الصحية، التي تلزم المواطنين والمواطنات بالبقاء في منازلهم، وهو الأمر الذي وإن كان لا يبدو يسيرا بالنسبة لكافة الفئات العمرية، وخاصة الشباب والمراهقين، إلا أن من حسناته إعادة الدفء والحميمية للأسرة، بعدما أصبحت تعاني في السنوات الأخيرة من بعض التفكك الذي فرضته إكراهات الحياة.
وفي هذا الصدد، أكد الطبيب والمحلل النفساني، جواد مبروكي، أن الحجر الصحي المنزلي يشكل مناسبة مثلى لتقوية الروابط العاطفية بين أفراد الأسرة الذين سيتعلمون كيفية العيش جماعيا ويدركون دور ومسؤولية كل فرد منهم.
وأبرز الخبير النفسي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن نهج الحياة ما قبل “كورونا” بدأ يتسم بانزواء كل فرد في عالمه، وكأن الكل غائب أو خارج البيت، وهو ما كان له تأثير سلبي على جميع أفراد الأسرة، وكان يزيد من حدة الخلاف بين الآباء والأبناء، وكذا بين الأزواج.
فالأسرة، في نظره، كأي مؤسسة، في حاجة ل”اجتماعات” مستمرة لتدبير شؤونها، وبدون هذه المشاورات، من المستحيل أن تتطور، معتبرا أن عقد هذه الاجتماعات الأسرية يقوي مبدأ الاحترام وتقبل اختلاف الرأي ويرسخ مبدأ التعايش بين أفراد الأسرة الواحدة التي تعد نموذجا لمجتمع مصغر، قائلا إذا “تعلمنا التعايش واحترام الاختلاف داخل الأسرة، فسوف نحقق التعايش في مجتمعنا الأكبر”.
وبعدما وصف فترة الحجر المنزلي الإجباري بسبب جائحة “كورونا” ب”الفرصة الرائعة لتعديل هندسة وبناء الحياة الأسرية”، سجل أن البقاء في المنزل يشكل بالتأكيد “ورشة تكوينية سانحة للحياة الأسرية وفرصة ربما سوف لن تتكرر في المستقبل يجب مقاربتها بشكل إيجابي مئة بالمئة، فحتى لو أردنا المشاركة في حلقة تكوينية فسوف لن نجد أبدا الوقت المناسب لذلك، ناهيك عن تكاليفها المادية الباهضة”. “فلنغير هندسة عائلتنا !” يقول خبير التحليل النفسي.
وعما يتولد عن الحجر المنزلي من آثار نفسية كما تحدثت عن ذلك منظمة الصحة العالمية، أبرز الخبير النفسي أنه يجب التعامل بكثير من الجدية مع هذه الفترة، مقترحا أن يتم عقد اجتماع أسري يعبر فيه كل فرد بحرية وتلقائية عن ما يخالجه، وعن هواجسه بكل احترام.
وبعدما دعا إلى إعطاء “معنى آخر” لفترة الحجر المنزلي، وذلك بأن يدرك الجميع أننا “جنود نطبق أوامر السلطات الصحية ونقوم بعملية حربية عظيمة ضد العدو “كورونا” الذي يريد أن يفتك بنا”، سجل ضرورة إدراك جميع أفراد المجتمع المغربي أن “كل واحد منا عليه أن يحارب من داخل بيته لإنقاذ عائلتنا الوطنية والعالمية من الهلاك”.
وبخصوص الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي، دعا الخبير الأسر إلى تخصيص وقت قصير لها مرة أو مرتين في اليوم والابتعاد عن الأخبار والمنشورات والفيديوهات الكاذبة والزائفة التي تحاول ترهيب المجتمع ونشر المشاعر السلبية، موصيا، بالمقابل، بمتابعة الأخبار عبر وسائل الإعلام الرسمية للحصول على المعلومات الموثوقة والتعليمات الصحيحة لمكافحة انتشار وباء كورونا.
ومن أجل مساعدة أولياء الأمور على تدبير سير الحياة في زمن الحجر الصحي المنزلي، يقول السيد جواد مبروكي، أنه من الأفضل أن تقضي الأسرة يومها وكأنه يوم عادي، حيث يقوم كل فرد بطقوسه الصباحية ويرتدي ملابسه وكأن الآباء سوف يذهبون إلى العمل والأطفال إلى المدرسة، مؤكدا أن المظهر الخارجي يؤثر على المعنويات ويشعر بالتغيير.
ولتغيير الروتين اليومي، يقترح الخبير النفسي تخصيص وقت للتحدث عبر الهاتف أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي مع أفراد العائلة الكبيرة أو الأصدقاء للاطمئنان على أحوالهم، وآخر للعب بشكل جماعي، أو لسرد الحكايات أو حتى مشاهدة ألبوم صور العائلة، فضلا عن مشاركة الجميع في الطبخ ونظافة البيت، إناثا وذكورا.
ولأن الوسيلة المثلى المتاحة اليوم لتفادي الإصابة بفيروس كورونا هي الالتزام بالحجر الصحي المنزلي، فمن الضروري استثماره لتقوية العلاقات الأسرية وتوطيد الروابط العائلية.