ذكرى المسيرة الخضراء: ملحمة خالدة في مسار تحقيق الوحدة الترابية
أكد الدكتور الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، أن الإجراءات الوقائية، تبقى الحل الوحيد حاليا للحماية من الانفلات الوبائي وللتقليل من مخاطر حدوث طفرات جديدة، وذلك في انتظار تطعيم واسع للمجتمعات وتحقيق المناعة الجماعية.
وأوضح السيد حمضي، في تحليله للمتحور المزدوج الهندي، أن الحالة الهندية أرجعت للواجهة أهمية احترام الاجراءات الوقائية الفردية والجماعية في انتظار المناعة الجماعية للحماية من الانفلات الوبائي وللتقليل من مخاطر ظهور طفرات جديدة ربما أكثر خطورة.
وسجل أن الوباء استعر في الهند مند نهاية شهر مارس، حيث سجلت البلاد أزيد من مليون إصابة في ثلاثة أيام فقط، فيما سجل يوم 25 أبريل 350 ألف إصابة في 24 ساعة، وتعدت الوفيات 2767 وفاة في اليوم الواحد.
وأضاف الخبير أن المراقبين يقولون من عين المكان إن الوفيات أكبر بكثير من الأرقام المعلن عنها، بعد أن كانت الهند قد عرفت تحسنا في الحالة الوبائية في الأشهر الأخيرة، وتراجعا في الاصابات والوفيات الناجمة عن كوفيد- 19 بشكل كبير، مشيرا في هذا الصدد إلى تسجيل أقل من 11 ألف إصابة جديدة و90 وفاة يوميا خلال شهر فبراير، في هذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه مليار و300 مليون نسمة.
وأشار إلى أن أغلب ولايات الهند، عادت حاليا للحجر الصحي، وأن البلاد تقاوم خطر انهيار المنظومة الصحية، بسبب عدم قدرة البنية الاستشفائية على استقبال الأعداد الكبيرة من المصابين في حالة حرجة، ونفاذ الأوكسيجين من المستشفيات، مبرزا أن هذا الانفلات الوبائي نتج عن سببين رئيسيين على الأقل؛ ظهور متحور جديد بالهند، وكثرة التجمعات العامة للسكان في الحملات الانتخابية وبعض المناسبات والاحتفالات الاجتماعية التي حج إليها ملايين الهنود من دون احترازات.
وأوضح الباحث في السياسات والنظم الصحية أن المتحور الهندي أو B.1.617 تم رصده لأول مرة في بداية شهر أكتوبر 2021 في ولاية ماهاراشترا (عاصمتها مومباي) لدى رجل يبلغ من العمر 31 سنة.
وقال إن هذا المتحور الهندي يطلق عليه اسم المتحور المزدوج بسبب حمله لطفرتين على مستوى بروتين الحسكة “Protéine Spike”، التي تمكن الفيروس من الالتصاق ودخول خلايا الانسان المصاب، مشيرا إلى أن الطفرة الأولى “L452R” مماثلة لتلك التي لوحظت في متحور كاليفورنيا، والثانية “E484Q”، قريبة من طفرة (E484K) الموجودة في المتحورين البرازيلي والجنوب أفريقي.
واعتبر السيد حمضي أن هاتين الطفرتين تسمحان للفيروس التاجي بالالتصاق بشكل أفضل بالخلايا للانتشار بسهولة أكبر، وهو ما يجعل من المتحور الهندي أكثر تفشيا، مضيفا أن المتحور المزدوج الهندي، عكس ما توحي به التسمية، لم يتحور مرتين فقط، بل يحمل خمسة عشر طفرة خاصة، وهو ليس وليد دمج متحوري كاليفورنيا وجنوب إفريقيا.
وسجل أن المتحور الهندي يبدو اليوم أكثر عدوى، ولكن من الصعب الجزم بأنه أكثر خطورة أو أكثر فتكا، لافتا إلى أن هذا المتحور مشابه للسلالات الأخرى من حيث الأعراض، لكن المقلق هو معدل انتشاره، حيث أظهرت دراسة ان الطفرة المشتركة مع متحور كاليفورنيا تزيد من انتقال الفيروس بنسبة 18 إلى 24 في المائة.
وشدد على أن الخبراء يتخوفون من أن يكون هذا المتحور أكثر مقاومة للأجسام المضادة التي يفرزها جسم الانسان بعد إصابته بمرض كوفيد أو بعد تلقيه التلقيح، مشيرا إلى أن هذه الطفرات قد تساعد الفيروس على الالتفاف على المناعة، وإن لم يثبت ذلك علميا بعد، وأن العدوى السابقة أو اللقاحات قد تكون غير كافية لحماية الجسم من المتحور بالقدر المطلوب.
وأبرز الخبير أن المناعة الناتجة عن اللقاح أو الإصابة السابقة بالسلالة الكلاسيكية، قد يبدو في بداية الأمر أنها قادرة على منع الاصابة بهذا المتحور، لكن ذلك، يضيف الطبيب، ليس مؤكدا بعد، وربما مشكوك فيه، في انتظار ظهور نتائج دراسات تجرى لتحديد مقاومة المتحور الهندي للقاحات.
وأشار إلى أن المعلومات شحيحة حول الموضوع لأن العينات المتوفرة من المتحور الهندي قصد الدراسة قليلة جدا مقارنة مع المتحورات الأخرى، حيث تقل عنها بآلاف الاضعاف بسبب القدرة المحدودة للهند على التتبع الجينومي مقارنة بالدول الأخرى كبريطانيا مثلا، لكن الدراسات، يضيف الطبيب، تجري على قدم وساق لتحديد كل خاصيات ومدة خطورة هدا المتحور الهندي.
(و م ع)