ذكرى المسيرة الخضراء: ملحمة خالدة في مسار تحقيق الوحدة الترابية
يخلد المغرب يوم غد الأربعاء ( 25 ماي من كل سنة) اليوم الوطني للطفل، وهي محطة للتأكيد على أهمية انخراط جميع الفاعلين بالمملكة، حكومة وجمعيات ومنظمات وطنية، للنهوض بأوضاع الطفولة وحمايتها.
ويشكل الاحتفاء بهذا الموعد السنوي مناسبة أيضا للتأكيد على العناية الخاصة التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لفئة الطفولة والارتقاء بأوضاعها، وكذا الانخراط التام والشخصي لصاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للا مريم، رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل، في سبيل النهوض بوضعية الطفل، وتعزيز مكانته وحقوقه داخل المجتمع.
ويمثل هذا اليوم أيضا فرصة لجذب الانتباه إلى إشكالية تهم جزءا هاما من المجتمع وتكثيف حملات التوعية بشأن ضرورة حماية الأطفال من شتى أشكال العنف والاستغلال والإهمال.
وفي ما يتصل بالجهود التي تبذلها المملكة لحماية الطفولة، فقد تم تحقيق العديد من الإنجازات، لا سيما من خلال اعتماد سياسة عمومية مندمجة لحماية الطفولة للفترة 2015-2025، بالإضافة إلى الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب في مجال الطفولة، مثل اتفاقية حقوق الطفل في سنة 1999.
وفضلا عن ذلك، فإن إحداث المرصد الوطني لحقوق الطفل سنة 1995 تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، كمؤسسة مستقلة مكلفة بمتابعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الطفل من طرف المغرب، يجسد أيضا الاهتمام الخاص الذي يوليه المغرب لضمان حقوق الأطفال ومنحهم المكانة اللائقة بهم ضمن المجتمع.
ويأتي الاحتفال بهذا الحدث الوطني هذه السنة، أيضا في ظل ظرفية عالمية صعبة وغير مسبوقة، بعد سنتين، طبعتهما الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا، والتي كان لها تأثير على الأنشطة الموجهة نحو هذه الشريحة من المجتمع المغربي.
غير أن استقرار المؤشرات الوبائية بالمملكة، في المدة الأخيرة، أسهم في تنفس شريحة الأطفال الصعداء، بعد استئناف مختلف الأنشطة وعلى رأسها برنامج ” العطلة للجميع ” الذي سيستفيد منه برسم سنة 2022 نحو 250 ألف طفل من جميع أنحاء المملكة بعد عامين من التوقف الاضطراري بسبب جائحة “كوفيد -19 “.
وكانت وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة ورئاسة النيابة العامة، قد أطلقت قبل سنتين، بتنسيق مع مجموعة من القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والمرصد الوطني لحقوق الطفل، خطة عمل لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول، وذلك في تجربة نموذجية شملت عددا من المدن.
كما حقق برنامج “ولادنا” الذي قامت الوزارة ذاتها بتفعليه السنة الماضية، بهدف اعتماد الأجهزة الترابية المندمجة لحماية الطفولة، نتائج محمودة توخت تعزيز منظومة حماية الطفولة ضد مختلف أشكال الإهمال والعنف والاستغلال على مستوى الأقاليم.
وإلى جانب ذلك، تم اعتماد مشروع برنامج وطني مندمج للنهوض بكفالة ورعاية الأطفال المحرومين من السند الأسري (كفالة)، بتنسيق مع قطاعات وزارية، ومؤسسات عمومية والسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، وعدد من الهيئات الوطنية التي تعنى بحقوق الطفل إلى جانب منظمة اليونيسيف.
لكن في المقابل، وعلى الرغم من التقدم المحرز في هذا الاتجاه ، لا يزال قطاع حماية الطفولة بالمملكة يواجه تحديات من قبيل وضعية مؤسسات الرعاية الاجتماعية، فضلا عن وجود إشكاليات تتعلق بتسجيل الأطفال المولودين خارج إطار الزواج عند الولادة أو التخلي عنهم أو إيداعهم بإحدى مؤسسات الرعاية.
وفضلا عن ذلك، يفرض وضع الهجرة الجديد في البلاد، العديد من المتطلبات نظرا لتزايد عدد الأطفال المتنقلين (اللاجئون وطالبو اللجوء والمهاجرون بدون وثائق)، حيث أصبح المغرب دولة هجرة بدلا من بلد عبور.
ومهما يكن من أمر، فإن النهوض بحماية الأطفال ليس بالأمر الهين في ظل التحديات الكبيرة التي ترخي بظلالها اليوم على واقع الطفولة، وخاصة في ما يتعلق بتفشي ظواهر مجتمعية سلبية تتعلق بالتسول وزواج القاصرات وتشغيل الأطفال وحماية الأطفال الأكثر هشاشة.