الحصيلة السنوية للأمن الوطني: إحصائيات مكافحة الجريمة بكل أنواعها والتهديدات الإرهابية
تم في الرباط تنظيم ندوة تحت عنوان “تمويل المساواة: تخطيط و ميزانية سياسات المساواة، رافعة لفعالية المساواة من طرف وزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة، بشراكة مع الاتحاد الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية.
عرفت هذه الندوة مشاركة نخبة من الفاعلين الرئيسيين في مجال الحكامة من ممثلي الوزارات والمؤسسات العمومية، إضافة إلى الفاعلين من المجتمع المدني، وذلك بهدف مناقشة التقدم المحرز والتحديات التي تواجه تخطيط وميزانية السياسات العامة في المغرب لتحقيق المساواة الفعلية بين النساء والرجال.
تتمثل أهداف الندوة في تعزيز الحوار حول التخطيط وميزانية السياسات الرامية إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، مع تسليط الضوء على النجاحات التي تم تحقيقها في مجال التمويل المستجيب للنوع الاجتماعي. كما تهدف الندوة إلى تعزيز التنسيق بين الأطراف المعنية في
مأسسة الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي، ورصد الموارد اللازمة لتنفيذ الخطة الحكومية للمساواة 2023-2026، وهي خطوة حاسمة نحو تحسين السياسات العامة وتحقيق أهداف المساواة بين الجنسين.
في كلمتها الافتتاحية، أكدت مريم نصيري، ممثلة منظمة الأمم المتحدة للمرأة في المغرب، على أهمية التخطيط والميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي كأداة استراتيجية لتمكين المساواة. “لا يمكن لأي سياسة عامة، مهما كانت طموحاتها، أن تحقق أهدافها دون توفير الموارد الكافية وحكامة فعّالة.”
من جانبه، سلط أحمد برادة، نائب مدير الميزانية والمدير الوطني لمركز الامتياز الخاص بميزانية النوع الاجتماعي بوزارة الاقتصاد والمالية، الضوء على التقدم الكبير الذي أحرزه المغرب في مجال الأخد بعين الاعتبار النوع الاجتماعي عند تخطيط ووضع الميزانية، مشيرًا إلى أن الهدف من الندوة هو: “إجراء تفكير جماعي حول تحسين دورة التخطيط والميزانية الخاصة بسياسات المساواة بين
النساء والرجال، والاستفادة من الإنجازات المحققة للتفكير في حلول عملية لتعزيز هذه الديناميكية من أجل تنفيذ الخطة الحكومية للمساواة 2023-2026.”
كما أكدت سلمى التازي، مديرة المرأة في وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، على الأهمية الاستراتيجية لإعداد الخطة الحكومية للمساواة 2023-2026 من خلال عملية تشاركية متعددة الأطراف.
وأشارت إلى دور الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي في تحقيق أهداف المساواة عبر القطاعات المختلفة، وقالت: “تؤكد الخطة الحكومية على التزام الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني،
وكذلك الجماعات الترابية، بالمشاركة في هذا المشروع الاستراتيجي لنجاحه.”
وفي ذات السياق، أكد روكو بوسكو، رئيس قسم الحكامة في بعثة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، على أن تمويل المساواة يمثل حجر الزاوية لبناء مجتمع عادل ومستدام. “لكي تكون المساواة فعالة، من الضروري توفير التمويل الكافي لتنفيذ السياسات المتعلقة بها. تمويل المساواة هو الأساس لبناء مجتمع عادل.”
من جانبها، أشارت بيريل بوتيل، نائبة مديرة الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) في المغرب، إلى أن “المملكة المغربية تعد رائدة في مأسسة الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي، حيث تضع الأسس الاستراتيجية لتطوير هذه الأداة المهمة. وفي الوقت الذي يضع فيه المغرب نصب عينيه تحقيق طموحات كبيرة لزيادة مشاركة النساء في سوق العمل، من خلال الخطة الحكومية للمساواة 2023-2026، تصبح الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي الأداة المثلى لتوجيه الموارد اللازمة وتعزيز تحقيق هذه الأهداف.”
في إطار العرض الافتتاحي، قدمت السيدة هاجر بن عامر، رئيسة قسم الإصلاح الميزانياتي بوزارة الاقتصاد والمالية، عرضًا شاملاً حول التحديات والفرص التي يتيحها دمج قضايا النوع الاجتماعي في عملية التخطيط الميزانياتي، حيث استعرضت المراحل الرئيسية والآليات اللازمة لضمان تنزيل الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي. كما أكدت على أهمية الآليات التي ينبغي استخدامها لتحقيق أهداف المساواة في المالية العمومية، مشيرة إلى الدروس المستفادة من الجهود التي بذلها المغرب في هذا المجال، والأفق الذي ينبغي اتباعه لتحسين التنسيق بين الوزارات المختلفة من أجل ضمان تمويل المساواة بشكل فعال. واختتمت مداخلتها بالتأكيد على أن “الاستثمار في المساواة بين الجنسين ليس فقط مسألة عدالة اجتماعية، بل هو أيضًا استراتيجية اقتصادية متكاملة تعزز الإنتاجية وتحقق التنمية المستدامة.”
بعد ذلك، تناولت الجلسة الأولى لهذه الندوة موضوع التفعيل الفعّال للخطة الحكومية للمساواة 2023-2026 عبر آليات التخطيط الميزانياتي، حيث استعرض سحيمي، رئيس قسم تمكين المرأة بوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، تجربة الوزارة في هذا المجال، متناولا مختلف مراحل تنفيذ التخطيط الميزانياتي المستجيب للنوع الاجتماعي. كما سلطت زكية عمراني، مسؤولة وحدة النوع الاجتماعي بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، الضوء على الجهود المبذولة وقدمت خديجة تويل، رئيسة قسم تشجيع التشغيل بوزارة الإدماج الاقتصادي، والمقاولة الصغرى، والتشغيل والكفاءات، رؤية شاملة حول كيفية دمج أهداف تمكين المرأة في التخطيط الميزانياتي، مستعرضةً التجارب العملية والدروس المستفادة.
أما الجلسة الثانية فقد تناولت أهمية الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي كآلية أساسية لتتبع ورصد فعالية السياسات العمومية المتعلقة بالمساواة بين الجنسين. وأكدت حنان لعرومي، رئيسة مصلحة تفعيل الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي بوزارة الاقتصاد والمالية، على الدور الحيوي لهذه المقاربة في إعداد السياسات العمومية، مشيرة إلى دورها المحوري كمحرك للتغيير الفعلي في تنفيذ سياسات المساواة.
كما تناولت عائشة خروز، رئيسة مصلحة الدراسات والتماسك الاجتماعي بوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، التحليل القطاعي للنوع الاجتماعي، وبيّنت كيف يمكن استخدام هذه الأداة لتقليص الفوارق بين النساء والرجال في القطاعات المختلفة والأخد بعين الاعتبار هذه الفوارق عند برمجة الميزانية.
من جهة أخرى، ناقشت مونية حرموش، مفتشة للمالية، أهمية الافتحاص في الأداء واستخدام المؤشرات المراعية للنوع الاجتماعي في تقييم السياسات العامة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
لقد شكلت هذه الندوة خطوة حاسمة في التفكير الجماعي حول تنفيذ الخطة الحكومية للمساواة 2023-2026، حيث تم تسليط الضوء على عدة جوانب حيوية من شأنها تعزيز فعالية الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي في الحد من الفوارق بين النساء والرجال، وبالتالي تحقيق الأهداف الاستراتيجية الوطنية للمساواة بين الجنسين.
وقد أتاح النقاش تقديم مقترحات عملية تدعم الحكامة الرشيدة وتعزز المساءلة في سياسات المساواة.
كما أكد المشاركون في الندوة على أهمية التنسيق بين القطاعات المختلفة والالتزام المستمر للأطراف المعنية لضمان أن تتحول الالتزامات السياسية إلى أفعال ملموسة وقابلة للقياس، مما يعكس الإرادة الجماعية لتحقيق تقدم حقيقي في ملف المساواة بين الجنسين.