كان رأي أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، سليما وموضوعيا وواضحا، وهي تتحدث عن إعادة محاكمة القيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين في قضية مقتل الطالب اليساري بنعيسى أيت الجيد.
أمينة بوعياش، أجابت عن سؤال طرح عليها في برنامج “فوكس”، بقناة ميدي 1 تيفي، أنه من الناحية الحقوقية ليس هناك تقادم في مثل هذه القضايا، وأنه لا يحق حرمان عائلة أيت الجيد في طلبها المتعلق بإعادة النظر في قضية مقتل ابنها، وأن مثل هذه القضايا طرحت في مجموعة من الدول. وتساءلت بوعياش عن مكمن الخوف لدى الطرف المشتكى به.
غير أن أوساطا في حزب العدالة والتنمية لم يرقها رأي أمينة بوعياش، وروجت عنه أنه رأي منحاز، وحورته ليبدو كذلك، علما أن كلام رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، واضح صوتا وصورة ولغة واصطلاحا.
وكما ظهر للعيان في البرنامج التلفزيوني المذكور، فإن السؤال طرح على أمينة بوعياش بصفتها حقوقية، وأجابت بهذه الصفة، وقالت إنه لا مانع من إعادة فتح ملف متابعة عبد العالي حامي الدين في قضية مقتل بنعيسى آيت الجيد، “لأن مثل هذه القضايا لا تتقادم، من الناحية الحقوقية، ولابد للسيد حامي الدين أن تكون له ثقة في القضاء لأنه قد يحسم القضية لصالحه”. وأضافت أنه “لا يمكن إثارة التوتر في كل قضية من هذه القضايا، والمساس بمؤسسات ديمقراطية ودستورية أو بالسلطة القضائية”.
هذا الكلام، رغم موضوعيته، لم يصدر عن أمينة بوعياش بصفتها رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وإنما بصفتها فاعلة حقوقية. ألم يسبق لمصطفى الرميد القيادي في حزب العدالة والتنمية، أن تطاول حقيقة على القضاء، وهو وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، ثم قال بعدها إنه تحدث بصفته الحقوقية والحزبية؟ !
إذن هي لعبة “حلال على آل البيجيدي وحرام على غيرهم”. لذلك سارعت بعض نسائهم ورجالهم إلى مهاجمة أمينة بوعياش، واتهامها بالتدخل “السافر” في القضاء والانحياز إلى طرف دون آخر، وأنه لا يحق لها الحديث عن قضية معروضة على القضاء، وهي ترأس مؤسسة دستورية، في إشارة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان!
وقال بعضهم إن تصريحها “جاء خارج السياق، ولا يليق برئيسة مؤسسة دستورية من حجم المؤسسة التي تترأسها السيدة بوعياش”.
فأين كان هؤلاء، حين هاجم الرميد مؤسسة القضاء، من موقع مسؤول حكومي؟ أم أنهم يتحركون وفق ما يخدم مصالح حزبهم الضيقة؟ طبعا الأمر كذلك، فلا مجال للاستغراب في مهاجمتهم لأمينة بوعياش.