بعد قرار تمديد مجلس الحكومة لمدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني إلى غاية 10 فبراير 2021، يبدو جليا ان الحفاظ على الصحة العامة يظل الهاجس الأول لتدبير الجائحة (كوفيد-19) من قبل السلطات العمومية، وذلك في إطار الجهود المتواصلة للحد من تفشي الوباء والعودة إلى الحياة الطبيعية.
فبرغم ما يخلفه قرار التمديد من ردرود أفعال متباينة بين رافض للإجراءات المفروضة باعتبارها تقيد من حرية التنقل، وبين مؤيد لكل الجهود التي تقوم بها السلطات العمومية لضمان التنزيل الصارم للتدابير التي فرضتها حالة الطوارئ الصحية، فإن قرار الحكومة تمديد فترة العمل بالتدابير التي تم إقرارها يوم الأربعاء 23 دجنبر 2020 لمدة أسبوع إضافي، وذلك ابتداء من يوم أمس الأربعاء (13 يناير) على الساعة التاسعة ليلا مع الإبقاء على الإجراءات الاحترازية، يؤكد على أن المقاربة المعتمدة في تدبير هذه الجائحة يحكمها الحفاظ على الصحة العامة في سياق موسوم ب”قلق مشروع” إزاء تفشي الوباء.
وفي هذا الصدد، أكد أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط عبد العزيز قراقي ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن لحظة الأزمات الكبرى التي تعيشها الدول تعتبر امتحانا حقيقيا للتماسك الاجتماعي، وإبرازا للرهانات الكبرى، واختبارا لطبيعة العلاقات التي تربط السلطات بالمواطنين، وتأكيدا لمدى تجدر المؤسسات في المجتمع، وهو الأمر الذي لم تزده ظروف التصدي للجائحة إلا ترسيخا.
وأبرز السيد قراقي أن المملكة عملت ، منذ إعلان منظمة الصحة العالمية عن أن وباء (كوفيد-19) تحول إلى جائحة لا تستثن أي بلد ، على التنسيق مع هذه المنظمة والانفتاح على توجيهاتها. و قال إن كثيرا من الدول إذا كانت لم تعر الأمر الأهمية اللازمة وأولت الاقتصاد أهمية بالغة اعتقادا منها بأن الوباء يكفي لتجاوزه إجراءات بسيطة مما أدى إلى تزايد عدد الإصابات التي شكلت خطرا حقيقيا على صحة الناس، فإن المغرب راهن منذ البداية على الإنسان أولا، وأولى اهتماما بالغا للصحة، حيث تأكد ذلك من خلال الاجتماعات التوجيهية والتأطيرية وجلسات العمل التي ترأسها جلالة الملك محمد السادس.
وتابع أن إعلان حالة الطوارئ الصحية ، مع ما رافقها من حجر صحي ، تطلب أن تتدخل الدولة بشكل مستعجل لضمان مصادر عيش المواطنين الذين يشتغلون في القطاع الخاص، وأن تضع آليات متعددة لتمكين المواطنات والمواطنين من نفقات استثنائية تساعدهم على تجاوز هذه المرحلة بكل تداعياتها السلبية.
وأشار إلى أن الدولة عملت ، كذلك ، على تأهيل البنيات الصحية بالمغرب، وإحداث مستشفيات متنقلة، وتوفير الأطر الطبية اللازمة لذلك من أطباء مدنيين وعسكريين، لتمكين المواطنات والمواطنين من الحق في الخدمات الطبية الضرورية لمقاومة الوباء، ملاحضا أن هذا الأمر اقتضى أن يعيش القطاع الصحي بالمغرب حالة طوارئ مستمرة التي فرضت ، بدورها ، ضرورة تعميم المعلومات حول تطور الوباء على المستوى الوطني.
يذكر أنه منذ إعلان المغرب عن حالة الطوارئ الصحية يوم 19 مارس الماضي، اتخذت السلطات العمومية مجموعة من الإجراءات والتدابير لضمان تطبيق حالة الطوارئ الصحية للحد من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد وحماية المواطنين منها.
وكانت المملكة من بين الدول السباقة إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الوقائية والإحترازية، وفرض حالة الطوارئ الصحية في كافة أنحاء التراب الوطني، حيث منحت المملكة أولولوية لصحة وسلامة المواطنين والمواطنات، دون إغفال متطلبات دعم الفئات الهشة والمتضررة من هذه الجائحة، وكذا العمل على الحد من تداعياتها السلبية على الوضعية الاقتصادية للبلاد.
وتهم هذه الإجراءات على الخصوص، إغلاق المجال الجوي والبحري للمملكة أمام المسافرين، وإلغاء التجمعات والتظاهرات الرياضية والثقافية والفنية، وتوقيف الدراسة بالمدارس والجامعات، والإغلاق المؤقت للمساجد، وتعليق الجلسات بمختلف المحاكم، إضافة إلى إجراءات أخرى بادرت إلى اتخاذها السلطات المختصة في مجالات النقل العمومي، وإغلاق المحلات العمومية غير الضرورية.
كما عملت الحكومة على إصـدار مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 من رجب 1441( 23 مـارس 2020 ) (في إطار الفصل 81 من الدسـتور) يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، استنادا إلى الفصل 21 من الدستور الذي يلزم السلطات العمومية بضمان سلامة السكان، وسلامة التراب الوطني في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع.
وتظل العودة الى الحياة الطبيعية رهينة بمدى قدرة المواطنين على احترام التدابير الاحترازية، على أمل أن يشكل اللقاح نقطة ضوء في هذا النفق المظلم.
(و م ع)