يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
في غفوة من العين٬ زارني فيصل القاسم بلا استئذان ليقصفني بترسانة من الأسئلة التي يسردها بطريقته الفريدة في برنامجه الشهير “الاتجاه المعاكس”. كدت أن أتلو المعوذتين كي اطرد هذا الضيف الثقيل على منامي٬ بعد أن أثار أعصابي مرات عديدة حينما كنت أصادفه على شاشة تلفازي و هو يصرخ وسط جدال ضيفين يكادان يشتبكان بالأيدي و يتبادلان التهم و السباب.
قال لي ما بالك تشيح بوجهك عني أنا الذي يحمل إليك هذه المرة أسئلة بسيطة حول تصرفات الأمير مولاي هشام ؟ فطن بنباهة الصحفي فيه انه أثار فضولي٬ و دونما مضيعة للوقت فتح بطارية صواريخه بطريقة إلقائه الشهيرة :
– لماذا يصر مولاي هشام على التشويش في كل زمن و حين على ابن عمه الجالس على العرش ؟ و لماذا لا يمل أمير من أعرق العائلات الحاكمة في العالم من التغريد خارج السرب كما لو كان عدوا لدودا لبلده ؟
– ما سر التوقيت الذي اختاره الأمير للإدلاء مؤخرا باستجواب حول حياة والده مولاي عبد الله لإحدى المجلات المغربية ؟ و لماذا هذا الوقت بالذات للحديث عن عائلته في سوق عكاظ ؟ هل هي محاولة يائسة أخرى من الأمير لاستدراج المؤسسة الملكية لرد فعل يخدش ذكرى أبيه التي لم يمسها أحد في المغرب بسوء ؟
– ألا يرمي الأمير هشام من خلال تصريحاته الأخيرة التشكيك في شرعية انتقال الحكم إلى الحسن الثاني للإيحاء بمشروعيته كابن بكر لمولاي عبد الله بكرسي العرش؟ ألم يكن على غرار أبيه من أول الموقعين على وثيقة البيعة ؟
– لماذا يتلاعب بسيرة أبيه دونما احترام لذكراه التي تصونها قلوب المغاربة ؟ ألم يدل الأمير المشاكس٬ قبل سنوات٬ بمعطيات مناقضة لتلك التي مد بها مؤخرا مجلة “زمان” المغربية ؟ أم أن ذاكرة الأمير قد أصابها التلف إلى هذا الحد الخطير ؟ فماذا لو علق على مغالطاته من ما زالوا على قيد الحياة من مجايلي و مخالطات والده ؟ أو ليس من الحكمة أن يصون الابن ذكرى أبيه كي لا تلوكها الألسن بسوء محتمل؟
– و لماذا يردف الابن البكر للأمير مولاي عبد الله خرجته السابقة بواحدة أخرى عبر جريدة اسبانية معروفة بعدائها المزمن للمغرب و مطالبه المشروعة في استعادة ثغوره و جزره المحتلة ؟ أليس استغلاله لقضية الاسباني غالفان نموذجا للضرب تحت الحزام و تصرفا مستهجنا من شخص ما زال يتمتع بالصفة الأميرية ؟ فما هو السر وراء إصرار الأمير على الركوب على قضية العفو الملغى عن مغتصب الأطفال الأجنبي٬ رغم سرعة بديهة ملك المغرب الذي تدارك هفوة الإدارة المغربية ؟ أم أن الأمر يندرج في سياق مدروس يهدف للإضرار بصورة المؤسسة الملكية لغرض في نفس يعقوب ؟ أو لم يكشف الأمير عن خلفيته حين تكهن بثورة الكمون؟ أو لم يتوعد المغاربة بحلول رياحها سنة 2018؟
– فهل تكون خرجات الأمير الأخيرة محاولة ابتزاز بعد وصوله إلى مرحلة اليأس ؟ أم أنها تجليات رهاب يستبد بأمير يخاف أن يطاله النسيان في أذهان المغاربة؟ أولا يستشعر الأمير أنه يضر بمصداقيته الفكرية حين يصر على رؤية الوضع بالمملكة العلوية بمنظار التبخيس و التنقيص ؟ أو ليس مشهودا للمغرب بقيادة ملكه بالتقدم الملموس على عدة أصعدة ؟ لماذا يقوم الأجنبي بالتصفيق لمنجزات المغرب و حنكة عاهله في وقت يجحد عضو بالعائلة الحاكمة بما تحقق من تطور بالمملكة الشريفة ؟ أليس الأمر بحد ذاته مدعاة للريبة حول النوايا المبيتة لهذا الأمير؟
-و ماذا فعل الأمير لكسب حب و ثقة مواطنيه ؟ ماذا عن ثروته التي لا يرى منها أهل المغرب الأقصى إلا “الضباب” حسب تعبير المغاربة؟ أو ليس مولاي هشام من كبار رجال الأعمال الذين يوزعون مشاريعهم في مشارق الأرض و مغاربها٬ شمالها و جنوبها٬ معرضا عن المساهمة في أوراش التنمية داخل المملكة للتخفيف عنها في ظل أزمة اقتصادية عالمية لا تبقي و لا تذر ؟ أليس من المغرق في الانتهازية و التعالي و “الطنز”٬ على حد قول أهل مراكش٬ أن يطل الأمير على بني جلدته من برجه العاجي لينظر للوهم دون أن تنغمس قدماه في وحل المعيش اليومي للناس ؟
– فلماذا لا يتفرغ مولاي هشام إذن لصفته الأكاديمية بعد أن أسس خارج المملكة مراكز تهتم بالتنظير ليس إلا و الله أعلم ؟ أليس من الأحرى بشخص يهوى منابر الأستاذية أن يدافع بشهامة عن الوحدة الترابية للمملكة قبل أن يهتم بباقي بقاع المعمور؟ لماذا لا يعمل ما قد يتوفر عليه من علاقات عامة و خاصة نافذة لخدمة القضية المقدسة لدى للمغاربة ؟ أو ليس من العقوق الوطني أن ينأى الأمير عن الذود عن المصالح العليا لبلاده في وقت تتكالب الذئاب عليها بلا هوادة ؟ أم أن التموقف من هذه الذئاب و مواجهتها قد يفسد حسابات الأمير التي لا يعلمها إلا هو؟
– و لماذا لا تتجاوب مع مزاجية الأمير اليانكي٬ كما ينعته البعض٬ إلا حفنة من الأقلام المعروفة بعدائها للمملكة العلوية و للإصلاحات المنجزة عبر ترابها ؟ لماذا لا تعيره جل المنابر الصحفية أدنى اهتمام ؟ و ماذا كان سيحل بأي عضو من العائلات الحاكمة عبر الوطن العربي لو تجرأ على انتقاد الأوضاع ببلده كما يفعل الأمير هشام ؟ أو ليس ما يتمتع به الأمير بالذات مع غيره من الأصوات النشاز من حرية تعبير دليلا ملموسا على ريادة المغرب إقليميا و عربيا في مجال حقوق الإنسان؟
ماذا و لماذا و كيف و هل… ؟
فتحت عيني. لم يبرح أذني طنين تلك الأسئلة و لم أستطع كبح قهقهاتي. فالقاسم٬ نزل بالسيف الحاسم على خرجات الأمير الهائم. فما بال أميرنا المتفرد في ذكائه٬ المتوحد في نباهته لا يعود عن غيه ؟ لا حياة لمن تنادي.. لا حياة لمن تنادي.