يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
التضامن مع مصر هل هو قضية إخوانية صرفة أم قضية تيار إسلامي أو قضية تضامن حسب القيم الكونية بعيدا عن حسابات الإخوان. أسئلة كثيرة تتناسل بمناسبة المسيرة التي نظمت في الرباط يوم الأحد في عز الصيف.
للإجابة على السؤال لا بد من العودة إلى الساعات الأولى لرد فعل الإخوان على إقالة الرئيس مرسي ومن بين المرئيات التي بثها الإخوان في إطار ردود الفعل الأولى لتبيان حجم الانخراط النوعي في دعم شرعية الرئيس، تم بث تسجيل لقاء للصحفي القطري/ المصري الإخواني الدائم أحمد منصور مع الشباب الإخواني حول تحديد الأولويات في التضامن مع مرسي.
أول شيء انتقده أحمد منصور في مسيرات واعتصامات الإخوان هو رفعهم لعلم التنظيم العالمي للإخوان المصريين وطالبهم برفع علم مصر، وهكذا كان من يومها غاب علم التنظيم العالمي وحضر العلم المصري في الميادين والشوارع لأنه يعرف أن هناك حساسية لمصر وللشعب المصري تجاه الخارج وتجاه استقلالية القرار المصري، مما يفسر اليوم تنافس كل فريق في رمي الآخر بأنه مدعوم من أمريكا، فكل الأطراف المتنازعة تنتقد أمريكا وتعتبر أنها تدعم الطرف الآخر لأن المواطن المصري البسيط لا يمكن أن ينخرط في دعم طرف موالي و تابع أو مدعوم من طرف أمريكا.
أحمد منصور انتقد كذلك نزوع الإخوان إلى الإنعزالية من خلال الإنفراد بإسم التنظيم في الدعوة إلى الإحتجاج على قرار عزل مرسي، و من يومها والإخوان يمارسون ازدواجية في آليات التضامن، هناك دعوات المرشد العام وقيادات الجماعة لتنظيم الإعتصامات وهناك ما يسمى تحالف دعم الشرعية، وهو تحالف غير موجود عمليا على الأرض لكن الإخوان يصرون على توجيه النداءات بإسم التحالف حتى يظهر أن الأمر يتعلق بصراع بين العسكر و الشعب المصري، كما يحصل عندنا هنا في المغرب فالأيام الإحتجاجية لحركة 20 فبراير يحددها المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير فهو مجلس لا ينعقد أبدا، وحده أمين عبد الحميد يجتمع مع نفسه كل مرة و يصدر البيان و يحدد الموعد، و عوض أن ينشره بإسم التنظيمات التي ينتمي إليها فهو يصر على أن يصدره بإسم المجلس حتى لا يأخذ الأمر صبغة دعوة بإسم النهج أو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي ينتمي إليها أمين عبد الحميد.
مناسبة هذا اللغو هي المسيرة التي نظمت بالرباط تضامنا مع من يستحق التضامن من الشعب المصري، و هي مسيرة دعت إليها التنظيمات الإسلامية و جاهدت من أجل أن تلتحق بالنداء أطراف غير إسلامية لكنها لم توفق.
مغربة التضامن مع مصر تبدأ أولا من لعبة الأرقام حول عدد المشاركين في المسيرة لهذا سارع براح الجماعة إلى الترويج لعدد 100 ألف مشارك، و هو ما استجابت له بعض المواقع مع العلم أن الذين واكبوا المسيرة يعرفون أن عدد المشاركين أقل بكثير، و إن كان أن الأوساط الموضوعية أجمعت على أنها أقل من 6000 مشارك فلماذا إذن هذا التهافت على عدد المشاركين مع العلم أن الأمر ليس قضية داخلية مغربية حتى تدخل متاهة من مع من، الأمر بسيط إنه يتعلق بالميساج الداخلي من منضور ” تيد يصبن أحسن”.
و هكذا بدأ المتهافتون المهووسون بالحسابات الداخلية الذين صدموا من انهيار و احتراق ورقة كالفان في الترويج للعبة الأرقام المنفوخة حول القدرة التعبوية لهذا الطرف أو ذاك داخل الشارع المغربي و الترويج أن حزب العدالة و التنمية مكانه المعارضة حتى يعزز الصفوف في مواجهة العدو الداخلي المشترك لأحداث القطيعة مع الواقع الحالي.
المتهافتون لمغربة التضامن مع مصر لم يعجبهم رفع بعض المتظاهرين المنطقيين مع أنفسهم لصور الرئيس المعزول محمد مرسي و اعتبروها خطأ فادحا للمنظمين الذين كان عليهم عدم رفع صور الرئيس الإخواني و الإكتفاء بصور ضحايا فض الإعتصامات، لأن الشعب المغربي يمكن أن يكون له رد فعل عاطفي عفوي على صور المجازر، لكنه يرفض صور الرئيس الإخواني لأنه قد يتقزز من الإخوان و ممارسات الإخوان.
المتهافتون يعرفون حق المعرفة أن “الرئيس المغوبش” الذي اعتبره بعض المشاركين في مسيرة الرباط رمزا للأمة لن يكون يوما رمزا للديمقراطية المغدورة حتى لو كان انتخابه ديمقراطيا و بأصوات غير إخوانية، لكنها أصوات انتفضت بعد عام من تولي مرسي مهام أخونة الدولة المصرية و إقصاء كل الحساسيات السياسية الأخرى.
المتهافتون يعرفون أن الرهان على صورة مرسي لن يجدب الملايين لكنهم نسوا أن الذين خرجوا للتضامن مع مصر الإخوان هم جزء من المشروع الإخواني و من التنظيم العالمي للإخوان المتواجد في أكثر من 180 دولة، و أن تضامن الحركة الإسلامية المغربية هو تضامن مع المشروع و مع رمز المشروع و أصحاب المشروع الإخواني و هي الحقيقة، أما السعي إلى رفع صور ضحايا مجازر فك الإعتصامات في الواجهة بدون الإشارة إلى المشروع فهي عملية لا تستقيم مع واقع الأشياء، و حتى الإخوان فإنهم لا يُرَمِّزُونَ من الضحايا إلا أبناء قيادات الجماعة كإبنة البلتاجي و ابن المرشد العام، فالمشروع الإخواني هو في صلب الموضوع و أن المسألة في العمق ليست مسألة حقوقية صرفة يدافع فيها اليمقراطي عن الديمقراطي أو يحتج فيها الحقوقي على منتهك الحقوق حتى و لو تم دفع المنظمات الحقوقية الموالية للإسلاميين في الواجهة بالدعوة إلى تنظيم المسيرة.
أمير التهافت و صاحبه الصحفي الكبير يريدون مغربة التضامن و بشكل سريع و بأي ثمن، فهم لا يهمهم لا مرسي و لا الشعب المصري و لا غير الشعب المصري فليذهبوا بالنسبة إليهم إلى الجحيم، المهم بالنسبة إليهم هو المغرب إنهم يبحثون عن أي شيء يقربهم من المبتغى، عسكر، إخوان، كالفان، أي شيء، المهم أن تستوي الأمور و يعود الشيخ إلى صباه، لكن أمير التهافت نسي أن لكل حساباته و أن للجماعة حساباتها و مرشدها و ارتباطاتها و تاريخها و أفقها، و للحركة حساباتها و كبيرها و كبير كبيرها و ارتباطاتها و تاريخها و أفقها، و للأمير جدوره و حساباته و إكراهاته و أفقه، و للصحفي التابع تربيته و جدوره و اخفاقاته و ارتباطاته و لو كان تابعا له في أفقه.
التضامن المنفوخ في أعداده بدأ في الرباط و انتهى و لا يحتمل أكثر من تنفسية داخلية بالنسبة للجماعة و تفجيجة سياسية للحركة، لأن أفق الحرب الأهلية في مصر و انزلاق بعض فصائل الإخوان إلى العنف المسلح الذي دشنوه في شمال سيناء بإعتراف البلتاجي من قيادة الجماعة لقناة النهار سيجعل هامش التحرك على أرضية تفاعلات الساحة المصرية أضيق مما يتصورون، و وحده أمير التهافت سيعيش يُتْماً آخرا تولده مناعة الساحة المغربية ضد الفكر الإنقلابي و حياحته المصابين بسهلة تغيير المواقف و المواقع بحثا عن السراب.