يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
دار العجزة أو مأوى المسنين، تختلف التسميات والمعاناة واحدة، لكن بين معاناة المُسن الذي لم يكتب له الإنجاب، وبين من يتمزق وجدانه، بفعل ابن عاقّ، أو ناكر للجميل، تبدأ حياة جديدة، “أو” تنتهي بمجرد دخوله هذا المكان للإقامة “الجبرية”، باعتبار ألا أحدا من هؤلاء يختار الإقامة في المأوى طوعا، فالكل رمته إما قساوة الحياة أو قساوة قلوب الابناء.
بمركز استقبال المسنين بمدينة ميدلت، الذي أنجز في إطار برنامج محاربة الهشاشة والتهميش، والذي تسيره الجمعية الخيرية الإسلامية بحي إبرومليل، بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تجلس سيدة في الركن الأيمن من القاعة، الوحيدة بين المسنين الـ 12، من أنجبت أولادا وعددهم 3، لكن ولا واحدا استطاع تحمل المسؤولية لرعايتها بعد أن بلغت من العمر أرذله.
“حادة” تحدثت لنا قبل أن تعرف من نحن، وقبل أن نطلب منها تسجيل حديثها مصورا، واستمرت في “تفريغ” قلبها من الهموم، بكلمات تقطر ألما ودموع تنزل من عينيها التي أحاطتهما تجاعيد السنين، وتتحرق على خدين شاحبتين، هي “أمّ” إذن، لم تجد من يرحمها من أولادها.
بعد جولات قامت بها “قسرا” العجوز “حادة”، بعد أن أرغمها ابنها على البحث عن دار للمسنين بعيدا عن مسكنه “خوفا من الشوهة”، جلست بجانب إحدى المقاهي، مفترشة الأرض، لتجد نفسها فجأة بين عدد من النساء والفتيات والشباب يشاركونها الدموع، فــ “حادة” مطرودة بطرق مختلفة من بيوت أبنائها الثلاث، الأكثر “عقوقا” بينهم، اتهمها بناء على “أوامر” من زوجته حسب رواية المسنة “حادة”، بأنها تسرق الخبز لتأكله !
في حديثها لـ “أكورا” وبكل تلقائية، تنفي سرقتها الخبز، وتتحدث بتلقائية، “والله ما سرقت الخبز، أنا كليتو”، في صورة قد تكون الأقسى من ابن قرر الوقوف بصف زوجته، والتخلي عن والدته، “أمه” التي وبالرغم من كل شيء، تبرؤه وتلقي باللوم على الزوجة، والزوجة الثانية لابنها الآخر، “هن فقط من غيرن أولادي، دعيتهم لله.”
“حادة” ومن هول الصدمة، لم تستطع استيعاب أن من يتحمل المسؤولية هم أولادها بدرجة أولى، فلا يوجد ابن “طبيعي” يرمي بوالدته إلى الشارع بسبب “سرقة الخبز وأكله”، إنها “الموضة الاجتماعية” التي لبسها بعض الأبناء، “التخلي عن الآباء وإدخالهم عالم الكآبة بدور العجزة والمسنين.”