يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
و كذا وإشاعة الثقافة المتحفية في صفوف أوسع الشرائح. وإن شكل إحداث المؤسسة الوطنية للمتاحف الخطوة الأولى في هذا الإطار (ظهير أبريل 2011)، فإن الإعلان رسميا عن تسليم متاحف وزارة الثقافة إلى المؤسسة في 5 فبراير الماضي بالرباط، شكل تجسيدا حيا لإرادة الدولة في تأهيل منظومة تدبير فضاءات تختزن الذاكرة الجماعية للمغاربة.
وينتظر أن تساهم المؤسسة الوطنية للمتاحف، التي يرأسها الفنان التشكيلي المهدي قطبي، في تعزيز الحكامة المتحفية الوطنية من خلال مقاربة تدبيرية ثقافية حديثة تحترم المعايير والممارسات الجيدة من حيث النجاعة وتثمين التراث الوطني.
دينامية مؤسسية وتدبيرية جديدة تنطلق إذن، شاملة المجموعات المتحفية للمتحف الإثنوغرافي لشفشاون ومتحف دار السي سعيد بمراكش وفضاءات ومجموعات المتحف الأركيولوجي لتطوان والمتحف الاثنوغرافي لباب عقلة بتطوان ومتحف القصبة بطنجة والمتحف الوطني للفنون الصحراوية بالعيون ومتحف البطحاء بفاس ومتحف دار الجامعي بمكناس ومتحف برج بلقاري بمكناس والمتحف الوطني للخزف بآسفي ومتحف دار الباشا بمراكش ومتحف الأوداية والمتحف الاركيولوجي والمتحف الوطني للفنون الحديثة بالرباط.
يتعلق الأمر إذن ب 14 فضاء متحفيا من مجموع 31 متحفا، ظلت تشرف عليها وزارة الثقافة. وفي ظل فراغ تشريعي يعطل عمليات إحداث وتصنيف المتاحف، فإن الوزارة والمؤسسة مدعوان للانخراط في ورش قانوني مفتوح لتجاوز الاختلالات والنقائص المسجلة في تدبير هذه الفضاءات.
ومن جهة أخرى، يبدو أن الجانب البيداغوجي والتحسيسي يحظى بأولوية لدى المؤسسة الجديدة التي تتطلع، على لسان رئيسها، الى توسيع ولوجية المتاحف للشرائح العريضة من المواطنين، مع المراهنة على فتح أبوابها أمام أطفال المدارس والسعي إلى تخصيص يومين مجانيين في الأسبوع لفائدة المغاربة، قصد ربط صلتهم بتراثهم المتحفي الغني، وتكريس مفهوم دمقرطة الثقافة.
ذلك أن القطع التراثية، بمختلف أشكالها، ومهما تسامت قيمتها التاريخية والأركيولوجية، لا تؤدي وظيفتها الحضارية إلا في إطار تفاعل حي مع مواطنين متطلعين الى تملك تاريخهم وذاكرتهم، وربط الصلة بماضيهم من خلال شواهد مادية ملموسة عن حياة سالفة التي ورثوا عهدها.
ومنذ بداية عملها، ظهرت مؤشرات اعتماد المؤسسة على الشراكة مع القطاع الخاص والمؤسسات المتحفية ذات الصيت العالمي من أجل تأهيل الفضاءات المتحفية وتنظيم تظاهرات كبرى تخرج كنوز المغرب الى الضوء. وتم في هذا السياق التوقيع في فبراير الماضي على اتفاقية بين المؤسسة الوطنية للمتاحف والمؤسسة العمومية لمتحف اللوفر بفرنسا. وهمت هذه الاتفاقية صيانة وترميم مجموعة من التحف التابعة لمختلف المتاحف الوطنية وعرضها في إطار تظاهرة مخصصة للمغرب، ينظمها متحف اللوفر ابتداء من شهر أكتوبر المقبل بكل من فرنسا والمغرب.
واعتبارا لكون مشكلة التمويل تطرح نفسها بقوة في مجالات التدبير الثقافي، فإن المؤسسة الوطنية للمتاحف تظل مدعوة الى الانخراط في شبكة علاقات وثيقة مع القطاع الخاص في إطار مفهوم “الرعاية” الذي يتيح ضخ موارد هامة من أجل تأمين مزيد من الاحترافية في التدبير واستقطاب أبرز الكفاءات التقنية والإدارية وتأطير عملية انفتاح المتاحف على محيطها الاجتماعي.
إنه منظور ينسجم مع الشعار الذي ترفعه احتفالية اليوم العالمي للمتاحف: “الروابط التي تخلقها المجموعات المتحفية”، في سياق الوعي بالبعد الانساني والالتفاف الحميمي حول قطع من الذاكرة. ففي العام الماضي، انخرط في تخليد هذا اليوم، الذي سن كتقليد عام 1977، أزيد من 35 ألف متحف في 143 بلدا، عبر القارات الخمس. وبنفس المناسبة، تفتح العديد من المتاحف عبر أنحاء المملكة أبوابها بالمجان، أمام الجمهور، في فرصة لسبر أسرار تاريخ محفوظ بعناية بين الجدران.