بيان مشترك: المغرب و’سانت لوسيا’ عازمان على تعميق تعاونهما الثنائي
سها الطويل والراحل ياسر عرفات
كنت في الفيلا السرّية التي سكنها ياسر عرفات في تونس، بعد نفيه من بيروت، وكنت أتبادل أطراف الحديث مع شابّة جميلة، وفجأة اغرورقت عيناها بالدموع، وقالت لي بصوت يحمل رعشة مؤثرة : “عرفات هو قدري”.
كان ذلك اللقاء قبل 20 عاماً، وكان مضى على زواجها بالزعيم الفلسطيني “ياسر عرفات” عامان، عاشت خلالهما عشقها السرمدي للزعيم الذي يحلو لها أن تلقبه بـ “الأسطورة”، والذي تزوجت منه بالسر في 17 تموز/ يوليو 1990، الموافق عيد ميلادها، في وقت شهدت فيه المنطقة العربية تطورات دراماتيكية، نتج عنها احتلال الرئيس العراقي السابق، صدّام حسين للكويت.
عارض الكثيرون ذلك الزواج، إذ رأى أصدقاء “أبو عمّار” أن ذلك الزواج من شأنه أن يبعد زعيمهم عن القضية، التي طالما تغنى بزواجه منها، كما لم يتقبلوا أن يكون له حياة خاصة، أسوة بسائر الأشخاص الآخرين.
غادرت إلى غزّة، للقاء الزعيم عرفات، الذي بدا كما لو أنه ينهض من تحت رماده، وذلك بعد “معاهدة أوسلو”، لكن لم يتسن لي سوى إجراء اتصالٍ هاتفي مع السيدة سها وقتئذ، لألتقي معها في “جزيرة مالطا” الآن، بعد 21 عاماً.
قضيت مع السيدة عرفات ثلاثة أيام، تبادلنا فيها أطراف الحديث، في الوقت الذي عزفت فيها ابنتها “زهوة” /17 عاماً/ على البيانو، لتكشف لي تفاصيل الحزن الذي اعترى مسيرة حياتها.
حدثتني سها عرفات عن طفولتها، وعن عائلتها المسيحية المقدسية البرجوازية، ومدرسة الراهبات التي درست فيها، وعن حياتها مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
ذكرتها قائلاً لها: “أنت أخبرتني في تونس أن عرفات هو قدرك”، فأجابت بابتسامة مريرة على محياها: “نعم كان قدري، فأنا أؤمن بأن قدرنا كتب وقت ولدنا، وأنا أؤمن بالقرآن، وأؤمن أنك لا يمكن أن تغيري قدرك، فقدري المشترك مع عرفات بدأ منذ عهد قديم، منذ العام 1986-1987، حيث كنت مخطوبة في ذلك الوقت لمحامي فرنسي، ثم أحببت عرفات، وتزوجنا سراً في تونس، حتى أنني لم ألبس فستان الزفاف وقتها، والدتي عارضت الموضوع، وجاءت على متن طائرة وناقشت عرفات، أما الآن فهمت لماذا عارضت والدتي هذا الزواج، لو أنني كنت أعرف ما سيحل بي لما كنت تزوجت، نعم كنت برفقة زعيم كبير لكنني كنت وحيدة، فعلاً عشت داخل السياسة مثل حريم السلطان، كنا نشاهد المسلسلات التلفزيونية أنا وابنتي، وأحيانا تسألني: بمن تشبهين نفسك؟”.
وعندما سألتها عن العائلة، ازدادت ابتسامتها شحوباً وقالت “لم يكن لنا عائلة يوماً ما، تزوجت زعيم الشعب الفلسطيني عندما كنت في الخامسة والعشرين من العمر، أخبرني أنه لم يعشق في حياته سوى امرأتين، الأولى “ندى يصحوريتي”، التي قتلت في بيروت، والثانية أنا”.
سألتها “هل لو عاد بك الزمن، ستتزوجين عرفات؟”، فأجابت دون تردد: “لا”، وكررت:”هل هذا يعني أن زواجك من عرفات كان خطأ؟”، أجابت: “إنه خطأ من ناحية، وليس خطأ من ناحية أخرى”.
واستطردت: “كنت أعرف أن الكثير من النساء كن يرغبن في الزواج منه، حاولت مراراً أنه أتركه، لكنني لم أتمكن من ذلك، لأنه كان قدري، ولم يكن باستطاعتي فعل شي حيال ذلك، فأنا نادمة على زواجي منه”.
يشار إلى أن سها عرفات واجهت معاناة كبيرة في العيش بتونس، بعد 9 أعوام من وفاة عرفات، ثم انتقلت إلى العيش في مالطا، وبالرغم من بلوغها الخمسين من العمر، إلا أنها ما زالت امرأة جميلة، تبدو عليها حياة العزلة.
وعند سؤالها عن إمكانية زواجها من جديد، أفادت أن عرفات يبقى دائماً هو بطلها، لافتةً إلى أنه بإمكانه الزواج من رجل ثري، لكنها لا تقبل، لأنها تعتقد أن عرفات ما زال ينظر إليها، مؤكدة أنها منشغلة حالياً بتعليم ابنتها.
المصدر: (أرض كنعان/ جريدة الصباح التركية/)