الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين
تعيش منطقة الساحل والصحراء الكبرى وخاصة شمال مالي على وقع التدخل العسكري الدولي بقيادة فرنسا الذي يهدف إلى مساعدة دولة مالي على استعادة بسط نفوذها على كامل ترابها الوطني، ومحاولة تجفيف بؤر الإرهاب والإرهابيين التي صارت تشكل تهديدا حقيقيا للسلم والأمن بالمنطقة وبحوض البحر الأبيض المتوسط برمته لدرجة أن خبراء الإرهاب صاروا يعتبرون هذه المنطقة من حيث خطورتها وتداعيات ما يعتمل داخلها شبيهة بالحدود الأفغانية الباكستانية.
وجدير بالتذكير بأن المغرب دولة ومؤسسات، وبمنطق مبدئي، قد كان سباقا إلى التنبيه بالمخاطر المستقبلية للتنظيمات الإرهابية منذ بروز أولى المؤشرات على التحول الخطير الذي تعرفه هذه المنطقة خصوصا بعد التفكك الأمني الذي عرفته بعض دول شمال إفريقيا جراء تداعيات “الربيع الديمقراطي”( انتقال مكثف للأسلحة نحو هذه المناطق، تجنيد مكثف للإرهابيين، اختطاف سياح ومبعوثي منظمات دولية والمطالبة بفديات ضخمة…).
وفي هذا الإطار كان لمجلس المستشارين من خلال عمله الدبلوماسي دور رائد في التنبيه ودق ناقوس الخطر سواء وهو يستقبل وفودا وشخصيات أجنبية أو وهو يشارك في مختلف المنتديات والمحافل البرلمانية الدولية.
وانطلاقا من متابعة دقيقة وموضوعية لتطورات الأحداث بمنطقة الساحل والصحراء الكبرى، ومعرفة قوية بخريطة التنظيمات الإرهابية التي أعلنت عن نفسها بدءا بتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” وتنظيم “أنصار الدين” و”حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا” و”حركة بوكو حرام” و” الحركة الوطنية لتحرير أزواد” و”حركة الملثمين”.. وما إلى ذلك من تفرعات وتشعبات، وانطلاقا من تقديره لحجم الخطر الآتي كان لمجلس المستشارين نظرة استباقيـة محذرة من مغبة عدم تقدير خطورة الأمر وتداعياته المباشرة سواء على الدول المتاخمة لبؤر الصراع أو المنطقة المغاربية كلل وبالتالي الحدود المباشرة لأوربا.
وقد شكل المنتدى البرلماني المغربي الإسباني الذي احتضنه البرلمان المغربي السنة الماضية، على سبيل المثال لا الحصر، فرصة جدد فيها رئيس مجلس المستشارين، الدكتور محمد الشيخ بيد الله، أمام وفد برلماني وازن قاده رئيسا البرلمان الإسباني، التذكير بخطورة الأوضاع الأمنية بمنطقة الساحل والصحراء التي أضحت مبعث قلق كبير للمنتظم الدولي وتهديدا صريحا للسلم والاستقرار في الفضاء المتوسطي، مشبها ما يجري بمنطقة الساحل والصحراء الكبرى بـ”ساحل إستان” أو ما يطلق عليه بـ”أفغانستان الجديد”.
وركز رئيس مجلس المستشارين على التحول العميق في الأعمال الإرهابية لهذه المنطقة الناتجة عن تدهور الوضع بدولة ليبيا والممتدة إلى التنسيق مع الشبكات العالمية لتجارة الأسلحة والمخدرات والهجرة السرية والاتجار في البشر..، كما أكد وجود تقارير دولية وذات مصداقية شددت على أن هذه المنطقة قابلة للتحول إلى بؤر حقيقية للتوتر إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الضرورية.
كما حث رئيس مجلس المستشارين المجتمع الدولي ـ في سلسلة لقاءاته مع الوفود الدبلوماسية وحتى في كلمته أمام رؤساء برلمانات مجلس أوربا بمناسبة انعقاد دورتها الأخيرة بستراسبورغ ـ على عدم تجاهل الوضع بمنطقة الساحل والصحراء الكبرى اعتبارا لانعكاساتها الخطيرة على الأمن والسلم والاستقرار بمنطقة شمال إفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط.